وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عَائِشَة أَنا قَالَت: قدمت على امْرَأَة من أهل دومة الجندل تبتغي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد مَوته حَدَاثَة ذَلِك تسأله عَن شَيْء دخلت فِيهِ من أَمر السحر وَلم تعْمل بِهِ
قَالَت: كَانَ لي زوج غَابَ عني فَدخلت على عَجُوز فشكوت إِلَيْهَا فَقَالَت: إِن فعلت مَا آمُرك فأجعله يَأْتِيك فَلَمَّا كَانَ اللَّيْل جَاءَتْنِي بكلبين أسودين فركبت أَحدهمَا وَركبت الآخر فَلم يكن كشيء حَتَّى وقفنا بِبَابِل فَإِذا أَنا برجلَيْن معلقين بِأَرْجُلِهِمَا فَقَالَا: مَا جَاءَ بك فَقلت: أتعلم السحر
فَقَالَا: إِنَّمَا نَحن فتْنَة فَلَا تكفري وارجعي
فأبيت وَقلت: لَا
قَالَا: فاذهبي إِلَى ذَلِك التَّنور فبولي بِهِ ثمَّ ائتي فَذَهَبت فاقشعر جلدي وَخفت ثمَّ رجعت إِلَيْهِمَا فَقلت: قد فعلت
فَقَالَا: مَا رَأَيْت فَقلت: لم أر شَيْئا
فَقَالَا: كذبت لم تفعلي ارجعي إِلَى بلادك وَلَا تكفري فَإنَّك على رَأس أَمرك فأبيت
فَقَالَا اذهبي إِلَى ذَلِك التَّنور فبولي بِهِ وَذَهَبت فبلت فِيهِ فَرَأَيْت فَارِسًا مقنعا بحديد خرج مني حَتَّى ذهب فِي السَّمَاء وَغَابَ عني حَتَّى مَا أرَاهُ وجئتهما فَقلت: قد فعلت
فَقَالَا: فَمَا رَأَيْت فَقلت: رَأَيْت فَارِسًا مقنعا خرج مني فَذهب فِي السَّمَاء حَتَّى مَا أرَاهُ
قَالَا: صدقت ذَلِك إيمانك خرج مِنْك اذهبي
فَقلت للْمَرْأَة: وَالله مَا أعلم شَيْئا وَلَا قَالَا لي شَيْئا
فَقَالَت: لَا لم تريدي شَيْئا إِلَّا كَانَ خذي هَذَا الْقَمْح فابذري فبذرت وَقلت اطلعِي فاطلعت قلت احقلي فاحقلت ثمَّ قلت افركي فأفركت ثمَّ قلت ايبسي فأيبست ثمَّ قلت اطحني فأطحنت ثمَّ قلت اخبزي فأخبزت فَلَمَّا رَأَيْت أَنِّي لَا أُرِيد شَيْئا إِلَّا كَانَ سقط فِي يَدي وندمت وَالله يَا أم الْمُؤمنِينَ مَا فعلت شَيْئا وَلَا أَفعلهُ أبدا فَسَأَلت رَسُول أَصْحَاب الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وهم يَوْمئِذٍ متوافرون فَمَا دروا مَا يَقُولُونَ لَهَا وَكلهمْ خَافَ أَن يفتيها بِمَا لَا يُعلمهُ إِلَّا أَنه قد قَالَ لَهَا ابْن عَبَّاس أَو بعض من كَانَ عِنْده لَو كَانَ أَبَوَاك حيين أَو أَحدهمَا لكانا يكفيانك
وَأخرج ابْن الْمُنْذر من طَرِيق الْأَوْزَاعِيّ عَن هَارُون بن ربَاب قَالَ: دخلت على عبد الْملك بن مَرْوَان وَعِنْده رجل قد ثنيت لَهُ وسَادَة وَهُوَ متكىء عَلَيْهَا فَقَالُوا هَذَا قد لَقِي هاروت وماروت
فَقلت: هَذَا
قَالُوا: نعم
فَقلت حَدثنَا رَحِمك الله
فأنشلأ يحدث فَلم يَتَمَالَك من الدُّمُوع فَقَالَ: كنت غُلَاما حَدثا وَلم أدْرك أبي وَكَانَت