وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من وَجه آخر عَن وهب بن مُنَبّه - رَضِي الله عَنهُ - عَن مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحُسَيْن بن فَاطِمَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن فِي الْجنَّة شَجَرَة يُقَال لَهَا طُوبَى لَو يسير الرَّاكِب الْجَواب فِي ظلها لسار فِيهِ مائَة عَام قبل أَن يقطعهُ وورقها برود خضر وزهرها رياط صفر وأقتادها سندس واستبرق وَثَمَرهَا حلل خضر وصمغها زنجبيل وَعسل وبطحاؤها ياقوت أَحْمَر وزمرد أَخْضَر وترابها مسك وَعَنْبَر وكافور أصفر وحشيشها زعفران منبع والأجوج ناججان فِي غير وقود ينفجر من أَصْلهَا
أنهارها السلسبيل والمعين فِي الرَّحِيق وظلها مجْلِس من مجَالِس أهل الْجنَّة يألفونه ومتحدث يجمعهُمْ
فَبَيْنَمَا هم يَوْمًا فِي ظلها يتحدثون إِذْ جَاءَتْهُم مَلَائِكَة يقودون نجباً جبلت من الْيَاقُوت ثمَّ نفخ فِيهَا الرّوح مزمومة بسلاسل من ذهب كَأَن وجوهها المصابيح نضارة وبرها خَز أَحْمَر ومرعز أَحْمَر يخترطان
لم ينظر الناظرون إِلَى مثله حسنا وبهاء وَلَا من غير مهانة عَلَيْهَا رحال ألواحها من الدّرّ والياقوت مفضضة بِاللُّؤْلُؤِ والمرجان فأناخوا إِلَيْهِم تِلْكَ النجائب ثمَّ قَالُوا لَهُم: ربكُم يقرئكم السَّلَام ويستزيركم لتنظروا إِلَيْهِ وَينظر إِلَيْكُم وتحيونه ويحييكم وتكلمونه ويكلمكم ويزيدكم من فَضله وسعته إِنَّه ذُو رَحْمَة وَاسِعَة وَفضل عَظِيم
فتحوّل كل رجل مِنْهُم على رَاحِلَته حَتَّى انْطَلقُوا صفا وَاحِدًا معتدلاً لَا يفوت مِنْهُ شَيْء وَلَا يفوت اذن نَاقَة إِذن صاحبتها وَلَا بركَة نَاقَة بركَة صَاحبهَا وَلَا يَمرونَ بشجرة من أَشجَار الْجنَّة إِلَّا أتحفتهم بثمرها ورجلت لَهُم عَن طريقها كَرَاهِيَة أَن تثلم صفهم أَو تفرق بَين رجل ورفيقه
فَلَمَّا دفعُوا إِلَى الْجَبَّار تَعَالَى سفر لَهُم عَن وَجهه الْكَرِيم وتجلى لَهُم فِي عَظمته الْعَظِيم يحييهم بِالسَّلَامِ
فَقَالُوا: رَبنَا أَنْت السَّلَام ومنك السَّلَام لَك حق الْجلَال والإِكرام
قَالَ لَهُم رَبهم: أَنا السَّلَام ومني السَّلَام ولي حق الْجلَال وَالْإِكْرَام فمرحبا بعبادي الَّذين حفظوا وصيتي ورعوا عهدي وخافوني بِالْغَيْبِ وَكَانُوا مني على كل حَال مشفقين
قَالُوا: أما وَعزَّتك وعظمتك وجلالك وعلو مَكَانك مَا قدرناك حق قدرك وَلَا أدينا إِلَيْك كل حَقك فَأذن لنا بِالسُّجُود لَك
قَالَ لَهُم رَبهم: إِنِّي قد وضعت عَنْكُم مُؤنَة الْعِبَادَة وأرحت لكم أبدانكم طالما نصبتم لي الْأَبدَان وأعنتم لي الْوُجُوه فَالْآن أَفَضْتُم إِلَى روحي ورحمتي وكرامتي وطولي وَجَلَالِي وعلو مَكَاني وعظمة شأني
فَمَا يزالون فِي الْأَمَانِي والعطايا والمواهب حَتَّى أَن المقصر مِنْهُم فِي أمْنِيته ليتمنى مثل