جَمِيع الدُّنْيَا مُنْذُ يَوْم خلقهَا الله تَعَالَى إِلَى يَوْم يفنيها
قَالَ لَهُم رَبهم: لقد قصرتم فِي أمانيكم ورضيتم بِدُونِ مَا يحِق لكم فقد أوجبت لكم مَا سَأَلْتُم وتمنيتم وألحقت بكم وزدتكم مَا قصرت عَنهُ أمانيكم
فانظروا إِلَى مواهب ربكُم الَّتِي وهبكم
فَإِذا بقباب فِي الرفيق الْأَعْلَى وغرف مَبْنِيَّة من الدّرّ والمرجان أَبْوَابهَا من ذهب وسررها من ياقوت وفرشها من سندس واستبرق ومنابرها من نور يفور من أَبْوَابهَا وأعراصها نور مثل شُعَاع الشَّمْس عِنْده مثل الْكَوْكَب الدُّرِّي فِي النَّهَار المضيء وَإِذا بقصور شامخة فِي أَعلَى عليين من الْيَاقُوت يزهر نورها
فلولا أَنه مسخر إِذن لالتمع الْأَبْصَار فَمَا كَانَ من تِلْكَ الْقُصُور من الْيَاقُوت الْأَبْيَض فَهُوَ مفروش بالحرير الْأَبْيَض
وَمَا كَانَ مِنْهَا من الْيَاقُوت الْأَحْمَر فَهُوَ مفروش بالعبقري
وَمَا كَانَ مِنْهَا من الْيَاقُوت الْأَخْضَر فَهُوَ مفروش بالسندس الْأَخْضَر
وَمَا كَانَ مِنْهَا من الْيَاقُوت الْأَصْفَر فَهُوَ مفروش بالأرجوان الْأَصْفَر مبوبة بالزمرد الْأَخْضَر وَالذَّهَب الْأَحْمَر وَالْفِضَّة الْبَيْضَاء
قواعدها وأركانها من الْجَوْهَر وشرفها قباب من لُؤْلُؤ وبروجها غرف من المرجان
فَلَمَّا انصرفوا إِلَى مَا أَعْطَاهُم رَبهم قربت لَهُم براذين من ياقوت أَبيض منفوخ فِيهَا الرّوح بجنبها الْولدَان المخلدون بيد كل وليد مِنْهُم حِكْمَة برذون من تِلْكَ البراذين ولجمها وأعنتها من فضَّة بَيْضَاء منظومة بالدر والياقوت سُرُوجهَا سرر موضونة مفروشة بالسندس والاستبرق فَانْطَلَقت بهم تِلْكَ البراذين تزف بهم وَتَطَأ رياض الْجنَّة
فَلَمَّا انْتَهوا إِلَى مَنَازِلهمْ وجدوا الْمَلَائِكَة قعُودا على مَنَابِر من نور ينتظرونهم ليزوروهم ويصافحوهم ويهنوهم كَرَامَة رَبهم
فَلَمَّا دخلُوا قصورهم وجدوا فِيهَا جَمِيع مَا تطاول بِهِ عَلَيْهِم رَبهم مِمَّا سَأَلُوا وتمنوا وَإِذا على بَاب كل قصر من تِلْكَ الْقُصُور أَرْبَعَة جنان {جنتان} {ذواتا أفنان} وجنتان {مدهامتان} و (فيهمَا عينان نضاختان) (سُورَة الرَّحْمَن آيَة ٦٦) وَفِيهِمَا من كل فَاكِهَة زوجان و (حور مقصورات فِي الْخيام) (سُورَة الرَّحْمَن آيَة ٧٢) فَلَمَّا تبوأوا مَنَازِلهمْ واستقروا قرارهم قَالَ لَهُم رَبهم: هَل وجدْتُم مَا وعد ربكُم حَقًا قَالُوا: نعم وربنا
قَالَ: هَل رَضِيتُمْ بِثَوَاب ربكُم قَالُوا: رَبنَا رَضِينَا فارض عَنَّا
قَالَ: برضاي عَنْكُم حللتم دَاري ونظرتم إِلَى وَجْهي وصافحتم