للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

تأن فِي ذَلِك مُؤنَة وَلم تعي مِنْهُ نصبا كَانَ عرشك على المَاء والظلمة على الْهَوَاء وَالْمَلَائِكَة يحملون عرشك ويسبحون بحَمْدك والخلق مُطِيع لَك خاشع من خوفك لَا يرى فِيهِ نور إِلَّا نورك ولايسمع فِيهِ صَوت إِلَّا سَمعك ثمَّ فتحت خزانَة النُّور وَطَرِيق الظلمَة فَكَانَا لَيْلًا وَنَهَارًا يختلفنا بِأَمْرك

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ: خلق الله آدم كَمَا شَاءَ وَمِمَّا شَاءَ فَكَانَ كَذَلِك {فَتَبَارَكَ الله أحسن الْخَالِقِينَ} خلق من التُّرَاب وَالْمَاء فَمِنْهُ شعره ولحمه وَدَمه وعظامه وَجَسَده فَذَلِك بَدْء الْخلق الَّذِي خلق الله مِنْهُ ابْن آدم ثمَّ جعلت فِيهِ النَّفس فِيهَا يقوم وَيقْعد وَيسمع ويبصر وَيعلم مَا تعلم الدَّوَابّ وَيَتَّقِي مَا تتقي ثمَّ جعلت فِيهِ الرّوح فبه عرف الْحق من الْبَاطِل والرشد من الغي وَبِه حذر وَتقدم واستتر وَتعلم ودبر الْأُمُور كلهَا فَمن التُّرَاب يبوسته وَمن المَاء رطوبته فَهَذَا بَدْء الْخلق الَّذِي خلق الله مِنْهُ ابْن آدم كَمَا أحب أَن يكون ثمَّ جعلت فِيهِ من هَذِه الْفطر الْأَرْبَع أنواعاً من الْخلق أَرْبَعَة فِي جَسَد ابْن آدم فَهِيَ قوام جسده وملاكه بِإِذن الله وَهِي: الْمِرَّةُ السَّوْدَاء والْمِرَّةُ الصَّفْرَاء وَالدَّم والبلغم فيبوسته وحرارته من النَّفس ومسكنها فِي الدَّم وبرودته من قبل الرّوح ومسكنه فِي البلغم فَإِذا اعتدلت هَذِه الْفطر فِي الْجَسَد فَكَانَ من كل وَاحِد ربع كَانَ جسداً كَامِلا وجسماً صَحِيحا أَو إِن كثر وَاحِد مِنْهَا على صَاحبه قهرها وعلاها وَأدْخل عَلَيْهَا السقم من ناحيته وَإِن قل عَنْهَا وَأخذ عَنْهَا غلبت عَلَيْهِ وقهرته ومالت بِهِ وضعفت عَن قوتها وعجزت عَن طاقتها وَأدْخل عَلَيْهَا السقم من ناحيته فالطبيب الْعَالم بالداء يعلم من الْجَسَد حَيْثُ أُتِي سقمه أَمن نُقْصَان أم من زِيَادَة

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَليّ قَالَ: إِذا نمت النُّطْفَة أَرْبَعَة أشهر بعث إِلَيْهَا ملك فَنفخ فِيهَا الرّوح فِي الظُّلُمَات الثَّلَاث فَذَلِك قَوْله {ثمَّ أَنْشَأْنَاهُ خلقا آخر} يَعْنِي نفخ الرّوح فِيهِ

وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {ثمَّ أَنْشَأْنَاهُ خلقا آخر} يَقُول: خرج من بطن أمه بعد مَا خلق فَكَانَ من بَدْء خلقه الآخر أَن اسْتهلّ ثمَّ كَانَ من خلقه أَن دله على ثدي أمه ثمَّ كَانَ من خلقه أَن علم كَيفَ يبسط رجلَيْهِ إِلَى أَن قعد إِلَى أَن حبا إِلَى أَن قَامَ على رجلَيْهِ إِلَى أَن مَشى إِلَى أَن فطم تعلم كَيفَ يشرب وَيَأْكُل من الطَّعَام إِلَى أَن بلغ الْحلم إِلَى أَن بلغ أَن يتقلب فِي الْبِلَاد

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير عَن قَتَادَة {ثمَّ أَنْشَأْنَاهُ خلقا آخر} قَالَ: يَقُول

<<  <  ج: ص:  >  >>