للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المسلمين من سباياهم، فقد كانوا فيئا، ففكّهم النّبي وأطلقهم، لما ولوا من الرّضاعة، بغير سهم مفروض، وقال يومئذ، وهو يسأل من أنعامهم، وتعلق رداؤه بشجرة: ردّوا عليّ ردائي، فلو كان لكم مثل عدد سمرها (١) نعما لقسمته بينكم، وما أنا بأحقّ بهذا الفيء منكم بهذه الوبرة آخذها من كاهل البعير»، ففي هذا بيان عن مواضع الفيء ووصيّة رسول الله.

فأما الصدقات فإنه جعلها زكاة وطهورا لعباده، ليعلم بذلك صبرهم وإيمانهم بما فرض عليهم، فنادي به إلى نبيه فقال: «خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَ تُزَكِّيهِمْ بِها» (٢)، ولم يقل: خذها لنفسك ولقرباك، مع أن الصدقة لا تحلّ لنبيّ ولا أهل بيته، ولا حق فيها لغنيّ ولا لقويّ مكتسب. قال: فقال الله: «إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ وَالْعامِلِينَ عَلَيْها» إلى قوله: «وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ» (٣) فهذه مواضع الصدقات، حيوانها وثمارها وصامتها. ثم فرض الله وسنّ نبيّه ، وكتب فيها إلى الآفاق، وجمع بينها وبين الصلاة فقال أبو بكر بن أبي قحافة وقد قال مرتد والعرب: نقيم الصّلاة ولا نؤتي الزكاة -: لا أفرق بين ما جمع الله بينه، ولأقاتلنّ من فرّق بينهما طيّبة بذلك نفسي. وما لأحد أن يتخيّر وأن يتحكّم فيما نطق به كتاب الله. مع أنه قد تألف النّبيّ يوم حنين رؤساء من رؤساء العرب، فقال العباس بن مرداس في ذلك ما قال، فرأى رسول الله صلى الله عليه


(١) السمر - شجر من العضاه (اللسان).
(٢) سورة التوبة آية ١٠٣.
(٣) سورة التوبة آية ٦٠.