للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يا أبا ليلى، فإنه قاتلك، قال: ما كان يأتيني إلا بخير ولو يدعى الفتى لطعنة لأجاب (١) فخرج كعب، فلما فتح باب المربض قال: من أنت؟ قال: أخوك قال: فطأطئ لي رأسك. فطأطأ له فعرفه، فنزل إليه، فمشى به سلكان نحو القوم، فقال له سلكان:

جعنا وأصابنا شدة مع صاحبنا. فجئتك لأتحدث معك، ولأرهنك درعي في شعير، فقال له كعب: قد حدّثتك أنكم ستلقون ذلك، ولكن عندنا شعير، ولم تأتونا لعلنا أن نفعل. قال: ثم أدخل سلكان يده في رأس كعب ثم شمّه فقال: ما أطيب عبيركم (٢) هذا. فصنع ذلك به مرة أو مرتين حتى آمنه، ثم أخذ سلكان برأسه أخذة فصّاه (٣) منها. فخار عدو الله خارة رفيعة، فصاحت امرأته: وا صاحباه، فعانقه سلكان، وقال: اقتلوا عدوّ الله، فلم يزالوا يتخلصون (٤) بأسيافهم حتى طعنه أحدهم في بطنه طعنة بالسيف فخرج منها مصرانه، وخلصوا إليه فضربوه بأسيافهم، وكانوا في بعض ما يتخلصون إليه - وسلكان يعانقه - أصابوا عباد بن بشر في وجهه أو في رجله ولا يشعرون، ثم خرجوا يشتدون سراعا حتى إذا كانوا بجرف بعاث (٥) فقدوا صاحبهم ونزف الدم


(١) في شرح المواهب للزرقاني ١٢:٢ «إن الكريم لو دعي إلى طعنه بليل لأجاب»
(٢) في المغازي للواقدي ١٩٧:٢ «ما أطيب عطرك هذا يا ابن الأشرف»، وفي البداية والنهاية ٧:٤ «ما رأيت كالليلة طيبا أعطر قط».
(٣) فصّاه - بالفاء: خلّصه وأبانه (أقرب الموارد ٩٢٩:٢).
(٤) يتخلصون: أي يفصلون أسيافهم بعضها عن بعض لتخلص إلى غريمهم.
(أقرب الموارد: خلص).
(٥) جرف بعاث: موضع من نواحي المدينة، بعاث بالضم وآخره ثاء مثلثة، كانت بها وقائع بين الأوس والخزرج في الجاهلية (مراصد الاطلاع للبغدادي ٢٠٦:١، ٣٢٦).