بين شعبتي رحلي، فلما فرغ عمر ﵁ عمد إلى بعيري فركبه، وركب أسلم بعير عمر ﵁ فخرجا يسيران حتى لقيهما أهل الأرض، قال: فلما دنوا أشرت لهم إلى أمير المؤمنين، فجعلوا يتحدثون بينهم، فقال عمر ﵁: تطمح أبصارهم إلى مراكب من لا خلاق له (١).
* حدثنا إبراهيم بن المنذر قال، حدثنا عبد الله بن وهب قال، حدثنا هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن أبيه قال:
خرجت مع عمر ﵁ إلى الشام حتى إذا كنا ببعض الطريق نزل للصبح، ونزلت معه، فذهب لحاجته - وكان إذا ذهب أبعد - ثم جاء فناولته إداوة من ماء فتوضأ، ثم صلّى، فلما أردنا أن نركب قال: هل لك أن تركب جملي وأركب جملك يا أبا خالد؟ ولكنه جمل يقبض، قال، قلت: وما يقبض؟ قال: يضرب بيديه فلا ينشب - أي ينقب -، وهو جمل رجل أقث لم يثقل حواياه الشحم قال: ثم لقينا أهل الأرض يشتدون، قالوا: أين أمير المؤمنين؟ قال: أمامكم، قال: فانصرفوا قال: ما إخالنا إلا قد كربناهم، نادهم، فناديتهم فرجعوا، فقلت: هذا أمير المؤمنين، فكأنما ضربت وجوههم فانصرفوا، فقال: هل ترى ما أرى يا أبا خالد؟ فقلت: وما أرى يا أمير المؤمنين؟ فقال: لم ير هؤلاء على صاحبك ثياب قوم غضب الله عليهم فيها، ثم تزدرينا أعينهم، قال:
فقلينا الناس فقيل له: يا أمير المؤمنين: إنك تقدم على أهل الأرض
(١) قال ابن الجوزي في مناقب عمر ١٥٢ «كأن عمر يريد مراكب العجم» وانظر منتخب كنز العمال ٤١٧:٤.