للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والراجح هو القول الثاني لقوة ما استدلوا به، لأن النص جاء في المجامع، ولم يرد فيمن أكل أو شرب فبقي على البراءة الأصلية، لأن الكفارات لا تثبت بالقياس، إذ هي من المقدرات المبنية على التوقيف.

وأما استدلالهم بحديث: (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر رجلاً أفطر في رمضان، أن يعتق رقبة، أو يصوم شهرين، أو يطعم ستين مسكينًا) فهو مجمل، ومفسر بحديث الأعرابي الذي جامع أهله في نهار

رمضان، لأن القصة واحدة.

قال ابن حجر: "قد ورد ... أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر رجلاً أفطر في رمضان أن يعتق رقبة .... الحديث، وأخرجه الدارقطني من طريق مجاهد عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر الذي أفطر يومًا من رمضان بكفارة الظهار، والحديث واحد والقصة واحدة والمراد بأنه أفطر بالجماع لا بغيره توفيقًا بين الأخبار .. " (١).

وأما ما روى مالك في الموطأ أن رجلا أفطر في رمضان فأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - بالكفارة المذكورة فليس بحجة; لأن قول الراوي فأفطر هو مجمل، والمجمل ليس له عموم فيؤخذ به، لكن هذا قول على أن الراوي كان يرى أن الكفارة كانت لموضع الإفطار، ولولا ذلك لما عبر بهذا اللفظ، ولذكر النوع من الفطر الذي أفطر به (٢).

ولأن الأصل براءة الذمة، فلا يثبت الشغل إلا بدليل من نص، أو إجماع، أو قياس، ولم يوجد واحد منها، والقياس على الجماع ممنوع، لقوة الداعي إليه، فالحاجة إلى الزجر عنه أبلغ (٣).


(١) الدراية في تخريج أحاديث الهداية (١/ ٢٧٩).
(٢) بداية المجتهد (٢/ ٦٥).
(٣) شرح الزركشي على مختصر الخرقي (٢/ ٥٨٧).

<<  <   >  >>