للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما الأقيسة المعارضة في ذلك: فتشبيهها تارة بكفارة الظهار، وتارة بكفارة اليمين، لكنها أشبه بكفارة الظهار منها بكفارة اليمين، وأخذ الترتيب من حكاية لفظ الراوي.

وأما استحباب مالك الابتداء بالإطعام فمخالف لظواهر الآثار، وإنما ذهب إلى هذا من طريق القياس، لأنه رأى الصيام قد وقع بدله الإطعام في مواضع شتى من الشرع، وأنه مناسب له أكثر من غيره بدليل قراءة من قرأ: {وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين} [البقرة: ١٨٤] ولذلك استحب هو وجماعة من العلماء لمن مات وعليه صوم أن يكفر بالإطعام عنه، وهذا كأنه من باب ترجيح القياس الذي تشهد له الأصول على الأثر الذي لا تشهد له الأصول (١).

ويرجح القول الأول لما يلي:

١ ـ ما رواه عن أبو هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال للواقع على أهله: (هل تجد رقبة تعتقها؟ ) قال: لا. قال: (فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ ) قال: لا. قال: (فهل تجد إطعام ستين مسكينا؟ ) قال: لا. وذكر سائر الحديث لفظ الترتيب، والأخذ بهذا أولى من رواية مالك؛ لأن أصحاب الزهري اتفقوا على روايته هكذا، سوى مالك وابن جريج، واحتمال الغلط فيهما أكثر من احتماله في سائر أصحابه.

٢ ـ ولأن الترتيب زيادة، والأخذ بالزيادة متعين.

٣ ـ ولأن حديث القول الأول لفظ النبي - صلى الله عليه وسلم - وحديث القول الثاني لفظ الراوي، ويحتمل أنه رواه بـ (أو) لاعتقاده أن معنى اللفظين سواء.


(١) بداية المجتهد (٢/ ٦٧).

<<  <   >  >>