للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القول الثاني: تجزئه كفارة واحدة، وإليه ذهب الحنفية، وبه قال الزهري والأوزاعي، وهو ظاهر إطلاق الخرقي، واختيار أبي بكر من الحنابلة (١).

والسبب في اختلافهم:

تشبيه الكفارات بالحدود، فمن شبهها بالحدود قال: كفارة واحدة تجزئ في ذلك عن أفعال كثيرة، كما يلزم الزاني جلد واحد، وإن زنى ألف مرة إذا لم يحد لواحد منها.

ومن لم يشبهها بالحدود جعل لكل واحد من الأيام حكمًا منفردًا بنفسه في هتك الصوم فيه أوجب في كل يوم كفارة.

قالوا: والفرق بينهما أن الكفارة فيها نوع من القربة، والحدود زجر محض (٢).

الأدلة:

استدل أصحاب القول الأول بما يلي:

١ ـ بأن صوم كل يوم عبادة منفردة، فإذا وجبت الكفارة بإفساده، لم تتداخل كفاراتها، كرمضانين، وكالحجتين، وكالعمرتين (٣).

٢ ـ أن سبب الكفارة هو الجماع، وقد تكرر فيجب أن تتكرر الكفارة، والحكم يتكرر بتكرر سببه وهو الأصل إلا في موضع فيه ضرورة كما في العقوبات البدنية وهي الحدود لما في التكرر من خوف الهلاك ولم يوجد ههنا فيتكرر الوجوب ولهذا تكرر في سائر الكفارات وهي كفارة القتل، واليمين، والظهار (٤).


(١) بدائع الصنائع (٢/ ١٠١ - ١٠٢)، المغني (٣/ ١٤٤)
(٢) بداية المجتهد (٢/ ١٦٨).
(٣) المغني (٣/ ١٤٤).
(٤) بدائع الصنائع (٢/ ١٠١ - ١٠٢)

<<  <   >  >>