للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إن المفطر ليس مبطلا لحق الله الثابت، وإنما هو مانع من تسليم الحق إلى مستحقه. ولذلك لم يكن الزجر عقوبة محضة، لأن تقصيره كان لضعفه وعدم

قدرته على أداء ما وجب عليه، وذلك مع التسليم بخطئه وقبح فعله (١).

أما بقية الكفارات فإن العقوبة فيها تبع" (٢).

ومن خلال ما تقدم يمكن توصيف الكفارات بما يلي:

أولاً: أنها عقوبات لمن ارتكب موجبها، وزواجر لمن يهمَّ بارتكابه في بعض الأفعال، وذلك في كفارة القتل الخطأ

وكفارة الظهار، وكفارة قتل الصيد بالنسبة للمُحرِم، وكفارة المجامع أهله في نهار رمضان.

ثانياً: أنها جوابر للخلل الذي وقع من المكلف وذلك في كفارة اليمين، وما شابهه.

ثالثاً: أنها جميعها عبادات لله تعالى يؤجر صاحبها على فعلها مع النية والإخلاص، كونها عبارة عن عتق أو صيام أو إطعام، ويرفع بها عنه إثم المخالفة لأنها حسنة بعد سيئة، والله تعالى يقول: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} [هود: ١١٤]، والنبي - صلى الله عليه وسلم - قال لأبي ذر رضي الله عنه: (اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن) (٣).


(١) وهذا في حق من يعظم الصوم، وهو من أهل الصيام إلا أنه ضعف أمام شهوته فأفطر بالجماع، أما من لا يرعى حرمة الصيام، وتعمد الإفطار من غير استشعار لخطئه فهذا مرتكب لكبيرة تقتضي التوبة النصوح بالإضافة إلى وجوب الكفارة.
(٢) الموسوعة الفقهية الكويتية (١٨/ ١٦ - ١٧).
(٣) أخرجه الترمذي (١٩٨٧)، وقال: هذا حديث حسن صحيح.

<<  <   >  >>