للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كثيرون: إنها جوابر لما فات من حق الله تعالى بدليل وجوبها على حافر البئر والنائم ونحوهما، ولأنها عبادات للنية فيها مدخل؛ فلا تشبه الحدود والتعزيرات التي هي زواجر محضة وقال آخرون بل هي زواجر عن الفعل الذي وضعت بإزائه، إما لفاعله أن يقع في مثله أو لغيره أن يفعل مثل فعله (١).

وفي شرح زاد المستقنع للشيخ محمد الشنقيطي: "وقوله: الكفارة عقوبة شرعية، اختلف العلماء رحمة الله عليهم فيها: فبعض العلماء يقول: إن الله شرعها عقوبة للمُخل بالطاعة، كما هو الحال في الصيام فيمن جامع أهله في نهار رمضان، ومنهم من قال: شرعها الله جبراً للنقص الموجود في العبادة، ومنهم من جمع بين الأمرين فقال: الكفارات تعتبر عقوبات وزواجر ومكملات، فهي عقوبة لمن فعل، وزجرٌ لغيره أن يفعل، وتكميل للنقص الموجود بسبب الإخلال في العبادة" (٢).

وجاء في الموسوعة الفقهية: "حقوق دائرة بين العبادة والعقوبة وهي الكفارات، مثل: كفارة الظهار، وكفارة الفطر في رمضان عمدا، وكفارة الحنث في اليمين، والكفارة عقوبة لأنها وجبت جزاء على الفعل المحظور شرعا، فالعقوبة في الكفارة من جهة الوجوب، وأما العبادة في الكفارات فهي من جهة الأداء، لأنها تؤدى ببعض أنواع العبادات، مثل: الصوم والإطعام والعتق.

أما كفارة الفطر في رمضان عمدًا فإن جهة العقوبة فيها غالبة، لأنه ليس في الإفطار عمدا شبهة الإباحة بوجه ما، ولما كانت جناية المفطر عمدًا كاملة، كان المفروض أن يترتب على ذلك عقوبة محضة، ولكنه عدل عن ذلك لقصور الجناية من حيث


(١) الأشباه والنظائر للسبكي (١/ ٤٢٤ - ٤٢٥).
(٢) شرح زاد المستقنع للشيخ الدكتور محمد بن محمد المختار الشنقيطي - مادة صوتية مفرغة - باب مفسدات الصوم.

<<  <   >  >>