للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولأن اليمين المنعقدة مشروعة فتصلح سببًا للكفارة، واليمين الغموس حرام محض فلا تصلح موجبًا للكفارة ولا يجوز قياس الحرام على المشروع (١).

ولأن الكفارة في اليمين المنعقدة إنما جاءت لدفع حرج أوقعه المكلف على نفسه في حالة غضب أو انفعال عارض، ثم رغب في التراجع عنه، بخلاف اليمين الغموس فإنها اتخذت وسيلة لإضاعة حق، وانتهابه وانتهاكه.

والأصل في اليمين المنعقدة إلزام النفس بفعل شيء مشروع أو مباح أو الامتناع عنه، وتأتي الكفارة لاستعادة الوضع الأصلي الذي غيرت حاله اليمين، أما اليمين الغموس فليس فيها إقدام على أمر مباح أو الإحجام عنه، وغايتها إقرار باطل أو إبطال لحق، وهذه يتعلق بها التوبة ورد الحقوق لأصحابها، ولا تغني الكفارة عن مجرد التراجع عنها.

ومما تقدم يتبين أن اليمين التي تجب فيها الكفارة هي اليمين المنعقدة فقط.

مسألة: هل تجب الكفارة في الحلف بغير الله؟

لا تنعقد اليمين بالحلف بمخلوق؛ كالكعبة، والأنبياء، وسائر المخلوقات، ولا تجب الكفارة بالحنث فيها. وهو قول أكثر الفقهاء لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (من كان حالفًا، فليحلف بالله، أو ليصمت) (٢).

ولا يصح قياس اسم غير الله على اسمه؛ لعدم الشبه، وانتفاء المماثلة (٣).


(١) الغرة المنيفة في تحقيق بعض مسائل الإمام أبي حنيفة (ص ١٧٩).
(٢) أخرجه البخاري (٢٦٧٩).
(٣) البناية شرح الهداية (٦/ ١٢٢)، التاج والإكليل (٤/ ٣٩٨)، الأم للشافعي (٧/ ٦٤)، المهذب (٣/ ٩٥)، (المغني (٥١٣ - ٥١٤).

<<  <   >  >>