غَنِيٌّ حَمِيدٌ (٢٦٧)[البقرة: ٢٦٧] يستدل به على تعلق الزكاة بكل ما يخرج من الأرض من معدن ونبات وثمر، لكن خص العلماء من أشياء بأدلة وحدّدها، وبقيت الزكاة في الباقي كالركاز والمعدن، والعنب والرطب، والمكيل المدخر على تفاصيل فيه.
{يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَما يَذَّكَّرُ إِلاّ أُولُوا الْأَلْبابِ}(٢٦٩)[البقرة: ٢٦٩] عام مطرد، لكن ما هذه الحكمة؟ فالأشبه أنه العلم الموصل إلى معرفة وجود الله-عز وجل-وما يجوز عليه، وما لا يجوز، وإلى معرفة معاملته، فالأول: علم أصول الدين، والثاني: علم الفقه لأدب الظاهر، وعلم الأخلاق وأعمال القلوب لأدب الباطن، وذلك لأن المكلف لا بد له من اعتقاد يلقى الله -عز وجل-به، وعمل ظاهر يقيم به رسوم التكليف، وأدب باطن يقيم به رسم العبودية، فهذه العلوم الثلاثة أركان الحكمة، والقيم بالأول المتكلمون، وبالثاني الفقهاء، وبالثالث محققو الصوفية كشيخ الإسلام في مقاماته ونحوه.
فأما الحكمة التي هي عبارة عن المنطق والإلهي والطبيعي والرياضي، فهي حكمة فلسفية باصطلاحهم والخطر في الإلهي منها عظيم على رأيهم، فلا يليق النظر فيه إلا لمتضلع من الحكمة الأولى وعلوم الشرع.
وقد [٦٨/ل] يحتج الفلاسفة على أن الحكمة في الآية هي حكمتهم المذكورة لقوله- عز وجل-عقيب ذلك:{وَما يَذَّكَّرُ إِلاّ أُولُوا الْأَلْبابِ}[البقرة: ٢٦٩] والتذكر:
النظر، والألباب: العقول، فهو إذن إشارة إلى أن الحكمة المذكورة إنما طريق إدراكها نظر العقل. وحكمتنا أحق بذلك؛ لأنها مؤسسة على النظر والاستدلال العقلي.
{وَما أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللهَ يَعْلَمُهُ وَما لِلظّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ}(٢٧٠)[البقرة: ٢٧٠] أي فيجازى عليه، وهو عام مطرد.