للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[القول في سورة القصص]

{فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما كانُوا خاطِئِينَ} (٨) [القصص: ٨] هذه لام العاقبة. أي: لتكون عاقبتهم ذلك؛ نحو:

لدوا للموت وابنوا للخراب .... . .

{وَأَصْبَحَ فُؤادُ أُمِّ مُوسى فارِغاً إِنْ كادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلا أَنْ رَبَطْنا عَلى قَلْبِها لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} (١٠) [القصص: ١٠] أي: ثبتناها عن الإبداء بأمر موسى.

وذلك لما ألهمناها وخلقناه في قلبها من دواعي الكتمان والصوارف عن الإذاعة. واستعارة الربط [هاهنا] من بديع الاستعارة تشبيها للقلب بوعاء ربط لحفظ ما فيه.

ويحتج الجمهور بهذا؛ لأن الله-عز وجل-إذا كان له من التصرف في القلوب أن يربط عليها ويطلقها-كان له من التصرف فيها أن يهديها ويضلها.

{فَرَدَدْناهُ إِلى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها وَلا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ} (١٣) [القصص: ١٣] فيه تعليل أفعاله-عز وجل-/ [١٥٢ ب/م] بالحكم والمقاصد.

{وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِها فَوَجَدَ فِيها رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ هذا مِنْ شِيعَتِهِ وَهذا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسى فَقَضى عَلَيْهِ قالَ هذا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ} (١٥) [القصص: ١٥] احتج به الشيخ شمس الدين الجزري شارح المنهاج في أصول الفقه على الشيخ تقي الدين ابن تيمية-فيما قيل عنه إنه قال: لا يستغاث برسول الله صلّى الله عليه وسلّم؛ لأن الاستغاثة بالله-عز وجل-من خصائصه وحقوقه الخاصة به؛ فلا تكون لغيره كالعبادة.

وتقرير الحجة المذكورة: أنه قال: يجب أن ينظر في حقيقة الاستغاثة ما هي، وهي الاستنصار والاستصراخ، ثم قد وجدنا هذا الإسرائيلي استغاث بموسى واستنصره واستصرخه بنص هذه الآيات، وهي استغاثة مخلوق بمخلوق، وقد أقر موسى عليها الإسرائيلي، وأقر الله-عز وجل-موسى على ذلك، ولم ينكر محمد صلّى الله عليه وسلّم ذلك لما نزلت عليه هذه الآية. أي فكان هذا إقرارا من الله-عز وجل ورسوله على استغاثة المخلوق

<<  <   >  >>