{لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ}(١)[القيامة: ١] فيه إثباتها، ثم قيل: لا زائدة، وقيل:
المعنى، لا أقتصر على القسم بيوم القيامة بل أقسم بأعظم منه، والقولان جاريان في نظائره نحو:{فَلا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ}(١٦)[الانشقاق: ١٦]، {لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ}(١)[البلد:
١] {وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوّامَةِ}(٢)[القيامة: ٢] المذكور في القرآن، هذه والنفس الأمارة والنفس المطمئنة، فاللوامة تلوم على فعل الشر، والأمارة تأمر به، والمطمئنة ساكنة لما وعدت ومتواضعة لقبول ما به أمرت، خاضعة تحت مجاري الأقدار، خاشعة لله الواحد القهار. ثم قيل: هي ثلاث نفوس على ظاهر القرآن، وقيل: نفس واحدة لها ثلاث قوى أو ثلاثة أحوال، تارة تلوم، وتارة أمر، وتارة تطمئن، والله-عز وجل-أعلم بخلقه.
{أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ (٣) بَلى قادِرِينَ عَلى أَنْ نُسَوِّيَ بَنانَهُ} (٤)[القيامة: ٣، ٤] هذا إثبات للبعث خلافا لمنكريه، وأحال الله-عز وجل-هاهنا على مجرد القدرة، ثم برهن عليه في آخر السورة.
{بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسانُ لِيَفْجُرَ أَمامَهُ (٥) يَسْئَلُ أَيّانَ يَوْمُ الْقِيامَةِ} (٦)[القيامة: ٥ - ٦] تتعلق به الملاحدة ونحوهم على أن لا حقيقة للبعث، وإنما هو تخويف للناس لئلا ييأسوا من المعاد فيفجروا ويتظالموا فيفسد النظام.
والجواب/ [٢١١ أ/م] أن ما ذكره لا ينفي وقوع البعث، وقد دلت عليه قواطع السمع والعقل، والتخويف بالشيء لا يمنع وقوعه.