للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

طرفي الفعل الممكن بمرجح إلهي.

وأما حكمه: فهو تحتم وقوع مقتضاه من الرب [سبحانه]، ووجوب الرضا والتسليم له من العبد، وأما اختلاف/ [٥ أ/م] الناس فيه؛ فهم على فرق:

أحدها: من ذهب إلى أن أفعال المخلوقين مخلوقة لهم خلقا محضا، لا يشاركهم فيها أحد؛ وهم المعتزلة.

وثانيها: من ذهب إلى أنها مخلوقة لله عز وجل-خلقا محضا، لا يشاركه في خلقها وإيقاعها غيره، وأن حركات العبد الظاهرة منه كحركة السعفة بالريح؛ هو مجبور عليها؛ وهم الجبرية، ويقال: المجبرة.

[مطلب في الفرق بين الخلق والكسب]

وثالثها: من ذهب إلى أنها خلق للرب وكسب للعبد، وفرقوا بين الخلق والكسب / [٧/ل] بأن الخلق هو الإنشاء والاختراع من العدم إلى الوجود، والكسب هو التسبب إلى ظهور ذلك الخلق على الجوارح، ورسموه بأنه ظهور أثر القدرة القديمة في محل القدرة الحادثة، وذلك كالولد هو مخلوق لله-عز وجل-مكسوب للأبوين بالجماع، فالخالق موجد، والكاسب متسبب، وهؤلاء هم الكسبية وهم الجمهور والسواد الأعظم من المحدثين والفقهاء.

ورابعها: من ذهب إلى أن الفعل مخلوق للرب والعبد اشتراكا، بناء على جواز أثر من مؤثرين ومقدور بين قادرين.

وخامسها: من ذهب إلى أن الله-عز وجل-يوجد قدرة للعبد، والعبد يوجد بقدرته الفعل.

وسادسها: من ذهب إلى أن الفعل له جهة عامة، وهي كونه فعلا: حركة أو سكونا، وجهة خاصة، وهي كونه طاعة كالصلاة، أو معصية كالزنا. وهو من الجهة الأولى مخلوق للرب [عز وجل] ومن الجهة الثانية مخلوق للعبد. . ولعل فيه مذاهب أخر.

وأما تردد الأدلة فيه:

فأما سمعا: فلأنّ القرآن [العزيز]: تارة يضيف الأفعال إلى العباد؛ نحو: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّما أَمْرُهُمْ إِلَى اللهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِما كانُوا يَفْعَلُونَ} (١٥٩) [الأنعام: ١٥٩].

<<  <   >  >>