{إِنّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ (٢) أَلا لِلّهِ الدِّينُ الْخالِصُ وَالَّذِينَ اِتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ ما نَعْبُدُهُمْ إِلاّ لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى إِنَّ اللهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي ما هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كاذِبٌ كَفّارٌ} (٣)[الزمر: ٢، ٣] فيه الاهتمام بالإخلاص لوصية الله-عز وجل-رسوله به مع أنه معصوم من الرياء وغيره.
{أَلا لِلّهِ الدِّينُ الْخالِصُ وَالَّذِينَ اِتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ ما نَعْبُدُهُمْ إِلاّ لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى إِنَّ اللهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي ما هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كاذِبٌ كَفّارٌ}(٣)[الزمر: ٣] أي يقولون ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى هذا رأي الوثنيين وعبدة الكواكب من الصابئين يحتجون بذلك [تنصلا] من الشرك.
{كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ فَنادَوْا وَلاتَ حِينَ مَناصٍ}(٣)[ص: ٣] فإن الله-عز وجل-إنما يتقرب إليه بعبادته وطاعته من غير واسطة، ثبت ذلك بتواتر الرسل والكتب، ومن ذلك قوله:{وَجاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذلِكَ ما كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ}(١٩)[ق: ١٩].
قوله-عز وجل-: {لَوْ أَرادَ اللهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً لاصْطَفى مِمّا يَخْلُقُ ما يَشاءُ سُبْحانَهُ هُوَ اللهُ الْواحِدُ الْقَهّارُ}(٤)[الزمر: ٤]، زعم/ [١٧٢ أ/م] أبو محمد بن حزم الظاهري في كتاب «الملل والنحل» له أن الله-عز وجل-قادر على أن يتخذ ولدا لظاهر هذه الآية، وهو قول شنيع باطل.
أما شناعته فلمضارعته النصرانية؛ فإنهم إذا حاجوا في ذلك قالوا: الولد صفة كمال، فانتفاؤه في حق الله-عز وجل-نقص وامتناعه على الله-عز وجل-عجز.
وأما بطلانه، فلأن ما زعمه إنما يصح أن لو قال: لو أراد الله أن يتخذ ولدا لولد أو لتزوج ونسل، أو لاتخذ ونحو ذلك، لكنه إنما قال: لاصطفى مما يخلق ما يشاء، [ونحن قد بينا قبل أن الولدية تنافي المخلوقية كما تنافي المملوكية، فلو قدر أنه اتخذ ولدا مما يخلق لم يكن ذلك الولد ولدا، وإنما يكون على جهة التبني، لا على حقيقة البنوة والولدية، فإن زعم هذا القائل أن معنى الآية: لو أراد الله أن يتخذ ولدا لاصطفى مما يخلق زوجة، فأولدها ولدا كما قال:{لَوْ أَرَدْنا أَنْ نَتَّخِذَ}