{كِتابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرى لِلْمُؤْمِنِينَ}(٢)[الأعراف: ٢] ثم قال-عز وجل-: {لِتُنْذِرَ بِهِ}[الأعراف: ٢] وتعليل الإنزال بالإنذار وهو من باب ما سبق آنفا.
{اِتَّبِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ}(٣)[الأعراف: ٣] إن أريد باتباعه تصديقه فهو عام مطرد؛ لأن تصديق الجميع واجب بمعنى الاعتقاد أنه حق من حق، وإن أريد به الامتثال التكليفي فهو عام أريد به الخاص وهو الأوامر والنواهي.
{وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها فَجاءَها بَأْسُنا بَياتاً أَوْ هُمْ قائِلُونَ}(٤)[الأعراف: ٤] أي: أهلكناها في الحكم، فجاءها بأسنا في التنفيذ الواقع، وهذا كما حكي: أن شخصا وقع من علو فمات؛ فقيل وقع فلان فمات؛ فقال بعض العارفين: بل مات فوقع، أي لما حكم بموته، جعل وقوعه سببا لتنفيذ ما حكم به.
وقيل: المعنى أردنا إهلاكها فجاءها بأسنا، وهو قريب من الأول، وقيل: هو من باب التقديم والتأخير، أي جاءها بأسنا فأهلكناها، وهذه من باب حروف المعاني في أصول الفقه.
{وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}(٨)[الأعراف: ٨] الآيتين يحتج به ونظيريه في (المؤمنون)، و (القارعة) على وزن أعمال العباد، ثم اختلف فيه:
فالجمهور على أنه وزن حقيقي بميزان ذات كفتين ولسان، وأن الموزون صحائف الأعمال أو اعتمادات تساوي حركات الأعمال، أو يخلق الله-عز وجل-فيهما ثقلا وخفة تكون أمارة على ما يراد/ [٨٥ أ/م] بالعبد من سعادة أو غيرها، والمعتزلة على أنه وزن مجاز/ [١٨١/ل] بمعنى إقامة العدل بحيث لا بخس ولا ظلم بدليل: {وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنا بِها وَكَفى بِنا حاسِبِينَ}(٤٧)[الأنبياء: ٤٧] أبدل القسط من الموازين، والمقصود هو البدل لا المبدل منه كما [اقتضته العربية] كأنه قال: ونضع القسط، وأجيب بأن وضع القسط لا ينافي نصب الموازين لجواز أن سبب القسط هو الميزان.