{قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاِسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ (٦) الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ} (٧)[فصلت: ٦، ٧] يحتج بها على أن الكفار مكلفون بفروع الدين، لأنه ذمهم وتوعدهم على منع الزكاة وهي فرع، كما توعدهم على الشرك وترك الإيمان، وهو أصل فدل على أنهم مكلفون بهما، إذ ما لا مدخل له في العلة لا يعلل به، وما ليس بواجب لا يتوعد على تركه.
احتج الخصم بأنهم لو كلفوا بالفروع لصحت منهم حال الكفر، أو لوجب عليهم قضاؤها بعد الإسلام، واللازم باطل فالملزوم كذلك، بيان الملازمة أنهم لو كلفوا بها لم يكن للتكليف بها بد من فائدة، ولا فائدة إلا صحة أدائها أو وجوب قضائها، بيان انتفاء اللازم الإجماع على أن الأداء لا يصح منهم، والقضاء لا يجب عليهم.
وجوابه: أنا لا نسلم انحصار فائدة التكليف بها فيما ذكرتم. بل له فوائد المشهور منها تضعيف العذاب عليهم في الآخرة لأجلها مثل: إن استحق أن يجلد على الكفر سوطين من نار؛ فيجلد عليه وعلى ترك الزكاة ثلاثة أسواط ونحو هذا مثلا، [وبواقي فوائده] ذكرها القرافي في شرحه نحو ثنتي عشرة فائدة، فلتطلب من هناك. وأما عدم صحتها منهم، حال الكفر فلأنها عبادات لا بد فيها من النية، ولا نية لكافر، فانتفاء صحتها منهم لانتفاء شرط الصحة، لا لعدم وجوبها كانتفاء صحة الصلاة من المحدث، وأما عدم وجوب قضائها، فإما لأن القضاء بأمر جديد، ولم يرد في حقهم، أو لأن الإسلام يجب ما قبله، أو لأن الكافر كالميت فالإسلام كابتداء/ [٣٦٨ ل] وجوده وولادته ولا قضاء عليه لما قبل ولادته، أو لئلا ينفر الكفار عن الإسلام لكثرة ما يلزمهم قضاؤه في أزمنة كفرهم المتطاولة، أو لغير ذلك من حكمة الشرع، وفى المسألة أقوال:
ثالثها: أن الكفار مكلفون بالنواهي دون الأمر، لصحة الترك منهم لعدم توقفه على النية، دون الفعل لتوقفه عليها وفيه كلام. والطرفان قد وجهناهما.
{* قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْداداً ذلِكَ رَبُّ الْعالَمِينَ}(٩)[فصلت: ٩] الآيات اقتضت أنه خلق السماوات/ [١٧٧ ب/م] والأرض في ثمانية أيام؛ هذين اليومين والأربعة بعدهما، وهو مخالف لباقي النصوص على أنه خلقها في ستة أيام.