والجواب: أن اليومين الأولين داخلان في الأربعة بعدهما، وذلك مع اليومين الآخرين ستة أيام، كأنه قال: خلق الأرض في يومين، وقدّر فيها أقواتها في تمام أربعة أيام، أو في أربعة أيام مع اليومين السابقين. وبعضهم يسمي هذا فذلكة الحساب، مشتق من قولهم مثلا: أضف اثنين إلى اثنين فذلك أربعة، وإنما قلنا ذلك لأن هذه الآية مجملة لاحتمالها إرادة ثمانية أيام، واحتمالها إرادة ستة، وباقي النصوص مبينة ناصة مجمعة على الستة.
والقاعدة: حمل المجمل على المبين.
ثم تضمنت هذه الآيات خلق الأرض قبل السماء، وفى النازعات ذكر خلق السماء، ثم قال:{وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها}(٣٠)[النازعات: ٣٠].
وجوابه: أنه خلق الأرض غير مدحوة، ثم بنى السماء ثم دحا الأرض، ودحوها غير خلقها إنما كانت كحصير ملفوف، ثم فرش، {وَالْأَرْضَ فَرَشْناها فَنِعْمَ الْماهِدُونَ}(٤٨)[الذاريات: ٤٨].
وقد اختلف الناس في أيهما خلقت قبل الأخرى على قولين، أظنهما سبقا.
{ثُمَّ اِسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ}(١١)[فصلت: ١١] ظاهره أنهما نطقا حقيقة بحياة خلقت فيهما، وحمله قوم على مجاز سرعة الإجابة والانقياد للقدرة والإرادة، فكأنهما لذلك مصرحتان بالطاعة.
{إِذْ جاءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ أَلاّ تَعْبُدُوا إِلاَّ اللهَ قالُوا لَوْ شاءَ رَبُّنا لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً فَإِنّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ}(١٤)[فصلت: ١٤] هذه شبهة الكفار على الرسل، وهي لزوم الترجيح بلا مرجح، وقد سبق وجوابه.