{لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِراطاً مُسْتَقِيماً}(٢)[الفتح: ٢] قيل: ما تقدم من ذنب أبيك آدم، وما تأخر من ذنب أمتك.
وقيل: على ظاهره في جواز وقوع الصغائر من الأنبياء. ويدل على ضعف الأول مخالفته للظاهر، وأنه صلّى الله عليه وسلّم قام حتى تورمت قدماه فقيل: أليس قد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ فقال:«أفلا أكون عبدا شكورا»(١) فدل على اختصاص الآية به دون غيره.
{هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدادُوا إِيماناً مَعَ إِيمانِهِمْ وَلِلّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً}(٤)[الفتح: ٤] يحتج به على قبول الإيمان الزيادة والنقصان/ [١٨٦ م/ب].
قوله-عز وجل- {قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرابِ سَتُدْعَوْنَ إِلى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللهُ أَجْراً حَسَناً وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَما تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذاباً أَلِيماً}(١٦)[الفتح: ١٦] احتج بها الجمهور على صحة خلافة أبي بكر-رضوان الله عليه-وتقريره: المخلفين من الأعراب أمروا بطاعته أو بطاعة مستخلفه، وكل من كان كذلك فهو صحيح الخلافة؛ فأبو بكر صحيح الخلافة.
أما الأولى فلأن المراد بالمخلفين هم الذين تخلفوا عن تبوك، وقد أخبر الله-عز وجل- أنهم سيدعون إلى قتال قوم أولي بأس شديد، وأن الداعي لهم إلى ذلك واجب الطاعة؛ لتوعدهم على مخالفته والتولي عنه، وهذا الداعي إما أبو بكر فيحصل المقصود أو عمر، وهو خليفة أبي بكر وفرع عليه، وإذا وجبت طاعة عمر-رضي الله عنه-صحت خلافته، ويلزم صحة خلافة مستخلفه أبي بكر/ [٣٨٨/ل]، وإنما قلنا: إن هذا الداعي أحد الرجلين؛ لأن القوم أولي البأس الشديد إما بنو حنيفة والمجاهد لهم أبو بكر، أو فارس والروم والمجاهد لهم عمر.
وأما الثانية: فلأن من لا يكون صحيح الخلافة لا تجب طاعته، أو نقول: لأنهم توعدوا على مخالفته بالعذاب الأليم، ووعدوا على طاعته بالأجر الحسن؛ وكل من كان كذلك كان صحيح الخلافة؛ إذ لا نعني بصحيح الخلافة إلا من وجبت طاعته وحرمت مخالفته.