{يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْراهِيمَ وَما أُنْزِلَتِ التَّوْراةُ وَالْإِنْجِيلُ إِلاّ مِنْ بَعْدِهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ}(٦٥)[آل عمران: ٦٥] هذا أصل في استدلال أصحاب الحديث على كذب الكذابين فيه بالتاريخ بأن يروي أحدهم عمن مات قبل ولادته، أو يؤرخ سماعه منه بوقت قد مات قبله، مثل أن يقول: حدثني فلان سنة ست عشرة، ووفاة فلان سنة خمس عشرة وهو أصل في استخراج كذبهم، ومرجعه إلى هذه الآية؛ لأن اليهود والنصارى جادلوا في إبراهيم، وادعت كل طائفة أنه كان على دينها فقيل لهم: أديانكم وكتبكم، وهي التوراة والإنجيل، إنما ظهرت بعد إبراهيم بدهر طويل فكيف يكون عليها مع أنه كان قبلها، وهو نظير قول المحدث للراوي الكاذب، فلان مات قبل أن تولد، فكيف سمعت منه هذا محال.
هذا حجة/ [٤١/ب/م] على أن شرط صحة المناظرة أن تكون في علم يعلمه المناظران، أما أن يناظرا/ [٨٧/ل] في علم لا يعلمه أحدهما فلا، إذ مقصودها إحقاق الحق، وإبطال الباطل بالدليل.
ومن لا يعرف ذلك العلم لا يمكنه ذلك، وإنما هو كالأعمى يريد الكتابة وهذه تتعلق بأصول الفقه؛ لأن الجدل مذكور في أواخره في كثير من الكتب.
{إِنَّ أَوْلَى النّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اِتَّبَعُوهُ}(٦٨)[آل عمران: ٦٨] أي في عصره {وَهذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ}(٦٨)[آل عمران: ٦٨] يعني محمدا وأمته لا اليهود والنصارى.
{وَدَّتْ طائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ وَما يُضِلُّونَ إِلاّ أَنْفُسَهُمْ وَما يَشْعُرُونَ}(٦٩)[آل عمران: ٦٩] يحتج به القدرية في أن الإنسان يضل نفسه لا أن غيره يضله.
وأجاب الجمهور بأن الله-عز وجل-يضله حقا، وهو يضل نفسه اختيارا وكسبا،