{كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّما تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فازَ وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلاّ مَتاعُ الْغُرُورِ}(١٨٥)[آل عمران: ١٨٥] عام مخصوص بنفس الله-عز وجل-بأن وصف له نفسا، وعالم الجنة إن قلنا: لا يموتون، وحينئذ تقديره: كل نفس حادثة لم تخلق للبقاء ذائقة الموت.
فيختص بالقيد الأول، نفس الله-عز وجل-وبالثاني عالم الجنة ونحوه، ممن خلق للبقاء.
{وَإِنَّما تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ}[آل عمران: ١٨٥] عام مطرد في توفية الأجور والحصر هو للتوفية في ذلك اليوم.
وكذا {فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فازَ}[آل عمران: ١٨٥]، وهو مثل {وَمَا النَّصْرُ إِلاّ مِنْ عِنْدِ اللهِ}[آل عمران: ١٢٦] / [٤٥ أ/م] في أنه جمع عموما وخصوصا حصل منه عموم مطرد.
{إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاِخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبابِ}(١٩٠)[آل عمران: ١٩٠] الآيتين، فيهما إشارة إلى كيفية النظر في شواهد الوجود الدالة على الصانع الموجود، كما في نظيرتها في البقرة غير أن هذه أخص من تلك وأحق بهذا المعنى، إذ فيها التصريح/ [٩٥/ل] بالتفكر في خلقهما، ولهذا كان النبي صلّى الله عليه وسلّم يقرؤها وما بعدها حين يقوم من منامه، وروي أنه صلّى الله عليه وسلّم قال:«ويل لمن قرأها ثم لم يتدبرها»(١).
{الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلاً سُبْحانَكَ فَقِنا عَذابَ النّارِ}(١٩١)[آل عمران: ١٩١] إشارة إلى وجه الاستدلال بها وهو هكذا: ربنا أنت خلقت هذا، ومن خلق هذا لم يخلقه باطلا، فأنت لم تخلق هذا باطلا ولا عبثا نحو:
{أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنا لا تُرْجَعُونَ}(١١٥)[المؤمنون: ١١٥] ففيه إشارة إلى الاستدلال على المبدأ، وهو الصانع، وعلى المعاد وهو المرجع.