وهذا عند التحقيق ليس بالقوي؛ لأن مقتضيات الألفاظ لا يؤثر فيها اختلاف الأحكام، وهذا البحث يتعلق بحروف المعاني، وهي من أبواب أصول الفقه.
{ما يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ}[المائدة: ٦] هو عام بدليل {وَجاهِدُوا فِي اللهِ حَقَّ جِهادِهِ هُوَ اِجْتَباكُمْ وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ هُوَ سَمّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هذا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَاِعْتَصِمُوا بِاللهِ هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلى وَنِعْمَ النَّصِيرُ}(٧٨)[الحج: ٧٨] وهو عام مطرد؛ لأن الله-عز وجل- لم يشرع حكما إلا وأوسع الطريق إليه ويسره، حتى لم يبق دون حرج ولا عسر ويحتج بهذه الآية ونحوها من رأى أنه إذا تعارض في مسألة حكمان اجتهاديان-خفيف وثقيل- ترجح الخفيف دفعا للحرج. وفي هذا أقوال:
ثالثها: التخيير والأخذ بالأثقل أحوط، وهذه من أصول الفقه.
قوله-عز وجل-: {وَاُذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثاقَهُ الَّذِي واثَقَكُمْ بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنا وَأَطَعْنا وَاِتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ}(٧)[المائدة: ٧] يحتمل [أن هذا] تذكير [للمؤمنين بالعهد المأخوذ عليهم {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى شَهِدْنا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنّا كُنّا عَنْ هذا غافِلِينَ}(١٧٢)[الأعراف: ١٧٢] ويحتمل أنه تذكير لهم ببيعتهم النبي صلّى الله عليه وسلّم على النصرة والإسلام والتزام أحكام الشريعة، وهو أشبه/ [١٣٥/ل].