ما إذا نذر صوما أو إحراما أو تطوع به فإنه قد حرم على نفسه طيبات، وهو غير منهي عن ذلك. ولقائل أن يقول: ليس هذا من باب تحريم الطيبات، وإنما هي عبادات تبعها تحريم طيبات، فتحريم الطيبات حصل تبعا لا قصدا.
{لا يُؤاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما عَقَّدْتُمُ الْأَيْمانَ فَكَفّارَتُهُ إِطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ مِنْ أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيّامٍ ذلِكَ كَفّارَةُ أَيْمانِكُمْ إِذا حَلَفْتُمْ وَاِحْفَظُوا أَيْمانَكُمْ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}(٨٩)[المائدة: ٨٩] هذا هو المثال المشهور في الواجب المخير، وهو إيجاب أحد أشياء على التخيير لا على التعيين، والخلاف في جوازه مع المعتزلة، وهو عند التحقيق خلاف لفظي؛ لأن الجميع اتفقوا على أنه لو فعل الجميع أو ترك الجميع لما أثيب ولا عوقب إلا على واحد.
وتحقيق المسألة: أن التكليف تعلق بالقدر المشترك بين الأشياء المخير فيها، وهو واحد منها، فمن أتى بهذا المشترك خرج عنه عهدة التكليف، ومن عطل المشترك [بين الأشياء] بترك الجميع أثم، وهذا القول في الواجب الموسع وفرض الكفاية.
{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}(٩٠)[المائدة: ٩٠] هذا عام في تحريم هذه الأربعة، خص منه الخمر للتداوي عند بعض العلماء، وبعضهم يطرد فيه [العموم فلا] يبيحه لتداو ولا غيره إلا لدفع لقمة غصّ بها ولم يجد غيره، أو أكره على شربه. / [١٥١/ل].