قوله صلّى الله عليه وسلّم: «عفي لأمتي عن الخطأ والنسيان، وما استكرهوا عليه (١)» ولأن توجه التكليف مع هذه الأعذار تكليف ما لا يطاق، وأنه مرفوع، ويتفرع/ [٦٦/ل] عن هذا الأصل مسائل كثيرة من العبادات والعادات فيسقط لهذه الأعذار الإثم، والحكم المختص بالله- عز وجل-دون الحكم المتعلق بحقوق الآدميين، كدية الخطأ، وقيمة المتلف خطأ ونحوه، لأن ذلك من باب العدل، والأعذار لا تؤثر في سقوط العدل، بخلاف التكليف.
{قُلْ أَنَدْعُوا مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَنْفَعُنا وَلا يَضُرُّنا وَنُرَدُّ عَلى أَعْقابِنا بَعْدَ إِذْ هَدانَا اللهُ كَالَّذِي اِسْتَهْوَتْهُ الشَّياطِينُ فِي الْأَرْضِ حَيْرانَ لَهُ أَصْحابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى اِئْتِنا قُلْ إِنَّ هُدَى اللهِ هُوَ الْهُدى وَأُمِرْنا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعالَمِينَ}(٧١)[الأنعام: ٧١] هذا من أدلة التوحيد، وقد سبق تقريره في المائدة {قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا نَفْعاً وَاللهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}(٧٦)[المائدة: ٧٦].
{يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ}(٧٣)[الأنعام: ٧٣] فيه إثبات النفخ في الصور، [وقد تكرر ذكره] في القرآن، وهو أمر من أحكام اليوم الآخر ورد به القرآن هكذا، وبينته السّنّة بأنه قرن عظيم كسعة السماوات والأرض، قد التقمه ملك يسمى إسرافيل، وجثى على ركبتيه ينتظر متى يؤمر، فينفخ فيه نفخا مزعجا جدا، وعند ذلك تقوم الساعة، ويبعث الموتى ونحو ذلك من أمور الآخرة.
{عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ}[الأنعام: ٧٣] أي أن الله-عز وجل-يعلم ما غاب عن خلقه وما شهدوه، فالغيب إنما هو بالنسبة إليهم [لا إليه، إذ] لا يغيب عنه شيء علما ولا رؤية.
واعلم أن العالم على ضربين: عالم غيب، وهو ما غاب عن المخلوق:[٧٨ ب/م] وعالم شهادة، وهو ما شهده كالسماوات والأرض والجبال والبحار وسائر الجزئيات العنصرية، وعالم الغيب أشرف من عالم الشهادة لوجوه:
أحدها: أن الله-عز وجل-من قبيل الغيب، ولذلك جعله أبو عمرو بن العلاء اسما