للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَإِنّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَما تَسْخَرُونَ (٣٨) [هود: ٣٨] فيه جواز مقابلة الجاهل والأحمق ونحوهما بمثل فعله، ويشهد له النصوص نحو: {فَمَنِ اِعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اِعْتَدى عَلَيْكُمْ وَاِتَّقُوا اللهَ وَاِعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} (١٩٤) [البقرة: ١٩٤]، و {وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها فَمَنْ عَفا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظّالِمِينَ} (٤٠) [الشورى: ٤٠] و {وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصّابِرِينَ} (١٢٦) [النحل: ١٢٦] وأشباهه.

{حَتّى إِذا جاءَ أَمْرُنا وَفارَ التَّنُّورُ قُلْنَا اِحْمِلْ فِيها مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اِثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلاّ مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَما آمَنَ مَعَهُ إِلاّ قَلِيلٌ} (٤٠) [هود: ٤٠] عام فيهم خص بالاستثناء بعده {إِلاّ مَنْ سَبَقَ} [هود: ٤٠] وهو ابنه المذكور أنه غرق بعد.

{وَما آمَنَ مَعَهُ إِلاّ قَلِيلٌ} [هود: ٤٠] يحتج به الشيعة في أنهم المصيبون على قلتهم، دون الجمهور على كثرتهم، وقد سبق، وجوابه عند {كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللهِ وَاللهُ مَعَ الصّابِرِينَ} [البقرة: ٢٤٩] في «البقرة».

{وَنادى نُوحٌ رَبَّهُ فَقالَ رَبِّ إِنَّ اِبْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحاكِمِينَ} (٤٥) [هود: ٤٥] يحتج به من يرى العموم، وأن له صيغة والتمسك به؛ لأن نوحا إنما تمسك في هذا السؤال بعموم قوله-عز وجل-: {اِحْمِلْ فِيها مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اِثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ} [هود: ٤٠] وهو اسم جنس مضاف يفيد فيه العموم، فصار تقدير سؤال نوح: إن ابني من أهلي وقد وعدتني بإنجاء أهلي، ينتج قد وعدتني بإنجاء ابني.

{قالَ يا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ} [هود: ٤٦] يحتمل وجوها:

أحدها: أن ابنك مخصوص في علمنا من عموم أهلك [وليس هو من أهلك] الناجين.

الثاني: أنه ليس من أهل دينك بدليل {إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ} [هود: ٤٦] وحينئذ يكون الأهل في قوله-عز وجل- {أَهْلَكَ} [هود: ٤٠] مجازا عن الموافقين في الإيمان.

الثالث: ما قيل: إن هذا الولد كان ابن زوجته، أو أنه ولد على فراشه من غيره بدليل (فخانتاهما) [التحريم: ١٠] {إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ} [١٠٨ أ/م]

<<  <   >  >>