للمعصوم إلا المحفوظ من المعاصي، وهؤلاء إذا فعلوا ما يؤمرون لزم أنهم لا يعصون، لأن الأمر إما بفعل أو كفّ عن فعل فيدخل في فعلهم ما يؤمرون فعل المأمورات وترك المحظورات، ولا شيء من المعصية ينسب إلى من كان كذلك.
{* وَقالَ اللهُ لا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ اِثْنَيْنِ إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ فَإِيّايَ فَارْهَبُونِ}(٥١)[النحل: ٥١] هذا نهي عن الشرك، وإثبات للتوحيد يتضمن الأمر به.
٥٢] إشارة إلى برهان التوحيد السابق إثباته، وتقريره: أن كل ما يدعى إلها مع الله-عز وجل-مملوك له وكل مملوك له ليس بإله معه/ [١٢٠/م] فكل ما يدعى [إلها] معه ليس في الحقيقة إلها معه.
بيان الأولى: بالآية إذ تضمنت: أن له ما في السماوات والأرض وما كان له، فهو مملوك له.
بيان الثانية: أن الإله مالك، والمملوك من حيث هو مملوك لا يكون مالكا، فالإله ليس بمملوك، فالمملوك من حيث هو لا يكون إلها، وإن شئت قلت: لو كان مع الله إله غيره لكان مملوكا له، واللازم باطل فالملزوم كذلك، بيان الشرطية أن ذلك الغير مما في السماوات والأرض، وكل ما في السماوات والأرض مملوك له، فذلك الغير مملوك له بيان انتفاء اللازم استحالة اجتماع المملوكية مع الإلهية بما سبق.
{لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ}(٥٥)[النحل: ٥٥] هذا أمر تهديد مثل: {إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آياتِنا لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنا أَفَمَنْ يُلْقى فِي النّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِناً يَوْمَ الْقِيامَةِ اِعْمَلُوا ما شِئْتُمْ إِنَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}(٤٠)[فصلت: ٤٠].
{وَيَجْعَلُونَ لِلّهِ الْبَناتِ سُبْحانَهُ وَلَهُمْ ما يَشْتَهُونَ}(٥٧)[النحل: ٥٧] هذا حكاية مذهب الكفار، زعموا أن الملائكة بنات الله؛ لأنهم أشخاص شريفة، ولا بد لهم أن يصدروا/ [٢٥٦/ل] بالولادة من غيرهم، ولا أشرف من الله يصدرون بالولادة عنه، ثم هم ليسوا بذكور، فكانوا إناثا بنات الله، وهذا تلفيق بحسب عقولهم وما ألفوه، والملائكة صادرون عن الله-عز وجل-بالخلق والاختراع، لا بالولادة، ثم رد الله عليهم بوجهين:
أحدهما: التنزيه الحقيقي العقلي، فقال عز وجل:{سُبْحانَهُ} أي تنزه عن اتخاذ