مع قوله عز وجل:{كَذلِكَ يُضِلُّ اللهُ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاّ هُوَ وَما هِيَ إِلاّ ذِكْرى لِلْبَشَرِ}(٣١)[المدثر: ٣١] يقتضي أنه-عز وجل- يشاء إضلال بعض الخلق ويفعله، خلافا للمعتزلة، ولهم عن هذا ونحوه من كل موضع نسب الله عز وجل فيه الإضلال إلى نفسه جوابان:
أحدهما: أن هذه ظواهر سمعية؛ / [٢١/ل] فلا يعارض القواطع العقلية [العدلية]- زعموا-عندهم.
وقيل: كنتم نطفا فجعلكم أحياء، ثم يميتكم الموت الطبيعي المشهور الذي يترقبه الأحياء، ثم يحييكم بالإعادة في الآخرة.
وفي هذا إشارة إلى إثبات إعادة الخلق بعد الموت، بالقياس على إبدائه بعد العدم الأصلي وأولى؛ لأن الإعادة تكون بعد وجود خارجي محقق، والإبداء إنما كان بعد عدم أصلي ليس بوجود محقق، سواء قيل: إن المعدوم شيء-على رأي المعتزلة-أو ليس بشيء، على رأي الجمهور.
وإلى هذه الأولوية أشار عز وجل بقوله:{وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ}