{أُولئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخافُونَ عَذابَهُ إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ كانَ مَحْذُوراً}(٥٧)[الإسراء: ٥٧] اعلم أن بعض علماء الظاهر ينكر على بعض أهل العمل قوله: لست أعبد الله-عز وجل-رجاء جنته، ولا خوفا من ناره. والتحقيق أن الجزم في هذا بأحد الطرفين، أعني الجواز والمنع مطلقا حطأ، بل الحق التفصيل، وهو أن من قال هذا القول إظهارا للاستغناء عن فضل الله ورحمته وجرأة عليه، فهو مخطئ كافر، ومن قاله لاعتقاده أن الله-عز وجل-أهل للعبادة لذاته حتى لو لم يكن هناك رحمة ولا عذاب ولا جنة ولا نار، لكان أهلا أن يعبد فهو محقق عارف، وتحقيق ذلك أن للحق-عز وجل-صفتي جلال وجمال، فلو انتفى الخوف من جهة صفة جلاله لوجبت عبادته لما هو عليه من الكمال [من جهة صفة] جماله.
{لَوْ ما تَأْتِينا بِالْمَلائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصّادِقِينَ}(٧)[الحجر: ٧] ونحوه، وتقريره: أنه لم يمنعنا من تعجيل الآيات إلا الإبقاء عليكم إذ جرت عادتنا أن من كذب باياتنا أهلكناه كما كذب بها الأولون فأهلكناهم فأخرناها عنكم/ [٢٦٦/ل] مدة لعلكم تراجعون الحق، فلما أصروا على كفرهم، جاءتهم الآيات كانشقاق القمر وإمساك المطر وتسليم الحجر والشجر، ونحوها، [فلزمهم بها] الحجة ثم أهلكوا، سنة الله التي قد خلت من قبل.