أو تقريعا لهم على ترك ذلك وتقريره: أن هذه آيات وآثار عظيمة تدل على مؤثر عظيم كامل، ومن عظمته وكماله أن لا يكون معه شريك؛ إذا الوحدانية كمال والشرك نقص بالضرورة؛ إذ ما يكون للواحد وحدة يكون له مع الشريك نصفه.
وقوله:{وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ}(٣٣)[الأنبياء: ٣٣] وهو مما يقرأ بالانعكاس مثل ساكب كأس، وهو من محاسن وأنواع البديع.
٣٥] يحتج به الجمهور في أن الشر والخير من عند الله-عز وجل-عدلا وفضلا.
{وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنا بِها وَكَفى بِنا حاسِبِينَ}(٤٧)[الأنبياء: ٤٧] تمسك الجمهور بلفظ الموازين في إثبات الميزان والوزن حقيقة وتأوله المعتزلة على إقامة العدل؛ لأنه أبدل القسط من الموازين والمقصود في الجملة البدلية هو البدل لا المبدل منه كأنه قال:
ونضع القسط، أي العدل.
{قالُوا وَجَدْنا آباءَنا لَها عابِدِينَ (٥٣) قالَ لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ} (٥٤)[الأنبياء: ٥٣، ٥٤] فيه ذم التقليد وبطلانه خصوصا إذا قابله النظري القاطع ونحوه: {قالَ بَلْ رَبُّكُمْ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ وَأَنَا عَلى ذلِكُمْ مِنَ الشّاهِدِينَ}(٥٦)[الأنبياء: ٥٦] هذا استدلال من إبراهيم-عليه السّلام- عليهم أو تنبيه لهم على صانعهما كما عرف في غير موضع وفطرهن: أنشأهن.
{قالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا فَسْئَلُوهُمْ إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ}(٦٣)[الأنبياء: ٦٣] هذه إحدى الكذبات المنسوبة إليه في الحديث الصحيح، والأخريان قوله:
{فَقالَ إِنِّي سَقِيمٌ}(٨٩)[الصافات: ٨٩] وقوله لسارة: هي أختي، والتحقيق أن هذه معاريض، وإنما سماها النبي صلّى الله عليه وسلّم كذبات مجازا وتعظيما لشأن/ [١٤٠ أ/م] إبراهيم-عليه السّلام-بحيث إن مثله يسمى تعريضه كذبا لارتفاعه عنه شبيه بقولهم: حسنات الأبرار سيئات المقربين.
{قالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَنْفَعُكُمْ شَيْئاً وَلا يَضُرُّكُمْ}(٦٦)[الأنبياء: ٦٦] استدلال على نفي إلهية الأصنام بعدم ضرها ونفعها وقد سبق مرارا.