{ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذلِكَ لَمَيِّتُونَ (١٥) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ تُبْعَثُونَ} (١٦)[المؤمنون: ١٥، ١٦] فيه إثبات البعث، يقال هاهنا:[لم أكد] الموت مع الإجماع عليه دون البعث مع الاختلاف فيه، [وقد كان العكس أنسب؟ ! ].
وأجيب بوجوه: أحدها: أن {ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ تُبْعَثُونَ}(١٦)[المؤمنون: ١٦] فعل و «ميتون» اسم فاعل ودلالته على المصدر الذي هو الموت بواسطة الفعل، فاحتاج إلى تقويته بلام التأكيد، بخلاف يبعثون فإن قوة دلالته بنفسه على البعث أغناه عن التأكيد/ [٣٠٣/ل].
الوجه الثاني: أن هذا الكلام مع من ينكر الموت كالتناسخية القائلين بانتقال الروح من حيوان إلى غيره، فاحتيج إلى تأكيد وقوعه في إخبارهم به.
الوجه الثالث: أن ترك تأكيد البعث إشارة إلى أنه لقوته في نفسه كالمجمع عليه الغني عن التأكيد.
الوجه الرابع: أن المخاطب بالبعث إما مصدق للرسول المخبر به فلا حاجة له إلى التأكيد، أو مكذب له فلا يفيد معه التأكيد، فسقط التأكيد لسقوط فائدته في هذا المكان.
{فَقالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ ما هذا إِلاّ بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شاءَ اللهُ لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً ما سَمِعْنا بِهذا فِي آبائِنَا الْأَوَّلِينَ}(٢٤)[المؤمنون: ٢٤] هذا قدح في النبوة بلزوم الترجيح من غير مرجح، وقد سبق جوابه في غير موضع.
{فَإِذَا اِسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ فَقُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي نَجّانا مِنَ الْقَوْمِ الظّالِمِينَ}(٢٨)[المؤمنون: ٢٨] استشهد به أبو عبد الله بن حامد على الاستواء على العرش استقرار كاستواء راكب الفلك عليها، وقد رد عليه ذلك لاستلزامه التجسيم].
{وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلاً مُبارَكاً وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ}(٢٩)[المؤمنون: ٢٩] فأنزل الله-عز وجل-نوحا أرض الجزيرة وهى الموصل وما حولها، فصارت البلاد المنصوص على بركتها أرض مصر لما مر في الأعراف، وما حول المسجد الأقصى لما ذكر في سبحان، وأرض الجزيرة لهذه الآية وهى تعد من مناقب الجزيرة.
[قال بعض العلماء المحققين-رضي الله عنهم-]: وأخبرني بعض المشايخ الصلحاء أنه صعد إلى جبل الجودي فوجد مسمارا كبيرا من مسامير سفينة نوح، وهو إذا فرك تناثرت