{وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ فَإِذا هُمْ مُظْلِمُونَ}(٣٧)[يس: ٣٧] إشارة إلى دليل البعث المذكور قبلها، وهو الدليل المشهور في قياس البعث على إحياء الأرض.
وكذلك {وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ فَإِذا هُمْ مُظْلِمُونَ}(٣٧)[يس: ٣٧] حجة على البعث؛ لأن الليل مظلم كثيف كالعظام البالية مظلمة، لعدم الحياة، كثيفة لتمحض طبيعة الأرض فيها، ثم إن النهار مشرق لطيف، كالجسم الحي مشرق بنور الحياة، لطيف بما فيه من العنصر المائي اللطيف ثم لما كان سلخ النهار من الليل ممكنا، فكذلك إخراج الأجساد الحية من العظام البالية، ثم ذكر مع هاتين الحجتين على البعث حججا أخر على وجود الصانع لمن ينكره، وهي جريان الشمس لمستقر لها، وتقدير القمر منازل، وحمل الناس في الفلك المشحون وتقريره: أن هذه أفعال وآثار عظيمة؛ فتستدعي مؤثرا قطعا، ثم يستدل على قدمه ووحدانيته كما سبق.
{ما يَنْظُرُونَ إِلاّ صَيْحَةً واحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ}(٤٩)[يس: ٤٩] الآيات فيهن إثبات البعث ونفخ الصور ونحوه. من أحكام الآخرة.
{* أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ}(٦٠)[يس: ٦٠] أي تطيعوه، وفيه إشارة إلى أن العبادة هي الطاعة، وهى كذلك، غير أنها في العرف العام هي الطاعة على جهة الذل والخضوع.
{وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلاًّ كَثِيراً أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ}(٦٢)[يس: ٦٢] يعني بالإغواء والوسوسة، إذ لم يكن له عليهم سلطان إلا أن دعاهم فاستجابوا له، فبقيت الأفعال مترددة بين الله-عز وجل-بالخلق، والعباد بالكسب.
{الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ وَتُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ}(٦٥)[يس: ٦٥] / [٣٤٥ ل] هذا من خوارق العادات في الآخرة؛ لأن العادة اطردت اليوم بظهور الكلام من فم وشفتين ولسان ومخارج وأسنان، فإذا سمع العقل بصدور كلام على غير هذه الصفة استغربه، وحقيقة الكلام إنما [هي صوت] مفهم خارج من / [١٦٥ ب/م] جسم، وهو من اليد والرجل وسائر الأعضاء ممكن، قريب بأن يخلق فيها الصوت المفهم، وقد يمكن أن ينقل الفم إلى اليد؛ فتنطق به، وهل اختصاص الفم بالوجه إلا عادة اطردت، وإلا فنسبته من حيث هو إلى سائر الأعضاء واحدة.