للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بالإجماع بذات الله وصفاته، ثم اختلف فيه بعد ذلك؛ فطرده الجمهور فيما عدا ذلك، حتى أفعال الناس مخلوقة له، وخصها المعتزلة منه بدليلهم العدلي فيما زعموا.

{وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ} (٦٥) [الزمر: ٦٥] يحتج بظاهره على جواز الشرك من الأنبياء، وإن عصموا من وقوعه، وتأول بعضهم هذه على أن الخطاب فيها له، والمراد أمته، وهو ضعيف؛ لأن قوله-عز وجل-: {بَلِ اللهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشّاكِرِينَ} (٦٦) [الزمر: ٦٦] عطف عليه، وهو مراد منه باتفاق فكذا ما قبله يكون مرادا منه.

{وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَالسَّماواتُ مَطْوِيّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمّا يُشْرِكُونَ} (٦٧) [الزمر: ٦٧] اختلف الناس في آيات الصفات مثل هذه في القبضة واليمين، ونحو: {وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ} (٢٧) [الرحمن: ٢٧] {وَقالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِما قالُوا بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْياناً وَكُفْراً وَأَلْقَيْنا بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ كُلَّما أَوْقَدُوا ناراً لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً وَاللهُ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ} (٦٤) [المائدة: ٦٤] و {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ} (٤٢) [القلم: ٤٢] «يضع الجبار قدمه» (١) «يحمل السماوات على إصبع» (٢) الحديث، ونحو ذلك على أقوال:

أحدها: إمرارها كما جاءت من غير تشبيه ولا تمثيل، وهو مذهب أهل الحديث.

الثاني: حملها على ظاهرها في التشبيه وصرحوا به، وهو قول الكرامية، ورد عليهم ب‍ {فاطِرُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً وَمِنَ الْأَنْعامِ أَزْواجاً يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (١١) [الشورى: ١١] وباستحالة

<<  <   >  >>