فإن قيل: فما يمنع الملائكة أن تستوهب ذلك من بني آدم؟ قيل: لأنهم من أركان الإيمان، وهم غيب، فلو ظهروا ليستوهبوا صار الإيمان بهم وبسائر أركان الإيمان ضروريا، وبطلت فائدة التكليف؛ فلذلك عدلوا إلى التدارك بالاستغفار.
{قالُوا رَبَّنا أَمَتَّنَا اِثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اِثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنا بِذُنُوبِنا فَهَلْ إِلى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ}(١١)[غافر: ١١] سبق ذكره في أوائل البقرة عند: {كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللهِ وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ}(٢٨)[البقرة: ٢٨].
{رَفِيعُ الدَّرَجاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلاقِ}(١٥)[غافر: ١٥] يحتج بظاهره مثبتو الجهة حملا له على الرفعة الحسية بدليل اقترانه بذكر العرش، وتأوله الآخرون على الرفعة المعنوية].
{عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلاقِ}(١٥)[غافر: ١٥] فيها إثبات النبوات على ما تقرر في نظيرها في أول النحل.
{الْيَوْمَ تُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ لا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ}(١٧)[غافر: ١٧] يحتج به المعتزلة، ويجيب الجمهور بما قبله، وهو {الْيَوْمَ تُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ لا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ}(١٧)[غافر: ١٧] فلا ظلم عليهم إذ هم مجزيون على كسبهم.
{وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَناجِرِ كاظِمِينَ ما لِلظّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطاعُ}(١٨)[غافر: ١٨] احتج به المعتزلة في إنكار الشفاعة؛ للمذنبين لعموم لفظ الظالمين.