يفسدها، نعم قد تستعمل معارضة الفاسد بالفاسد في الجدل؛ دفعا لشر الخصم وتسلطه.
وفى الآية سؤال، وهو أن إذ للزمن الماضي؛ فكيف يصح وقوع النفع اليوم/ [١٨٣ ب/م] فيه؟ إذ يصير تقديره: لن ينفعكم اليوم اشتراككم وقت ظلمكم منذ ألف سنة، أو لا ينفعكم اشتراككم اليوم وقت ظلمكم أمس؟
وجوابه: أن «إذ» هنا التعليل، وخرجت عن الظرفية، فتقديره لن ينفعكم اشتراككم اليوم لعلة ظلمكم أمس.
{وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا أَجَعَلْنا مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ}(٤٥)[الزخرف: ٤٥]، إن قيل: قد ماتوا قبله بدهور فأين هم حتى يسألهم؟
فالجواب من وجهين:
أحدهما: أن المراد: سل كتبهم ومن بقي من أصحابهم، وما حكاه القرآن عنهم.
والثاني: / [٣٨٠ ل] أنهم بعثوا له ليلة الإسراء في بيت المقدس أو في السماء فسألهم، وفيها إجماع الأنبياء وأديانهم على التوحيد، ويكفي في ذلك أن النصارى مع شركهم الظاهر يدعون التوحيد، ويصرحون بأن آلهة كل واحد منهم إله كامل، ثم يقولون: هم إله واحد، ويفتتحون كتبهم بقولهم: باسم الأب والابن وروح القدس إله واحد. فلو كان للشرك أصل في ملة من الملل لتعلقت به النصارى احتجاجا واستئناسا، ولا نعلم النور والظلمة إلهين. وقد سبق الكلام معهم.
{فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطاعُوهُ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ}(٥٤)[الزخرف: ٥٤][فيه أن الفاسق سريع القبول للباطل؛ لأن هذا تعليل لطاعتهم إياه بفسقهم]، كما سبق أن «إن» للتعليل، وسبب ذلك أن الفسق والباطل من واد واحد لخروجها عن الاعتدال ودخولهما في حيز الضلال، والجنس ميال إلى الجنس.
{وَقالُوا أَآلِهَتُنا خَيْرٌ أَمْ هُوَ ما ضَرَبُوهُ لَكَ إِلاّ جَدَلاً بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ}(٥٨)[الزخرف: ٥٨] فيه ذم الجدل بالباطل، وأن من الجدل ما يقصد به غلبة الخصم لا تحقيق الحق.
{إِنْ هُوَ إِلاّ عَبْدٌ أَنْعَمْنا عَلَيْهِ وَجَعَلْناهُ مَثَلاً لِبَنِي إِسْرائِيلَ}(٥٩)[الزخرف: ٥٩] هذا رد على النصارى في تألههم إياه.
{إِنْ هُوَ إِلاّ عَبْدٌ أَنْعَمْنا عَلَيْهِ وَجَعَلْناهُ مَثَلاً لِبَنِي إِسْرائِيلَ}(٥٩)[الزخرف: ٥٩] رد على اليهود في تكذيبه وبهته وأمه.