[الأحقاف: ١٧] إنكار منه للبعث، وجوابه قولهما له:{وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ فَيَقُولُ ما هذا إِلاّ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ}(١٧)[الأحقاف: ١٧] أي وقد وعد بالبعث.
{وَلِكُلٍّ دَرَجاتٌ مِمّا عَمِلُوا وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمالَهُمْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ}(١٩)[الأحقاف:
١٩] يحتج به على أن للأعمال أثرا في تفاوت الدرجات؛ فيقال: إنه يقال لأهل الجنة:
ادخلوها برحمة الله واقتسموها بأعمالكم.
{تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّها فَأَصْبَحُوا لا يُرى إِلاّ مَساكِنُهُمْ كَذلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ}(٢٥)[الأحقاف: ٢٥] قيل: وهو عام خص بالحس لمشاهدتنا السماوات والأرض لم تدمر، والأشبه أنه عام أريد به الخاص، وهو ما يختص بقوم عاد من المساكن والأموال والأنفس ونحوها، بدليل:{ما تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلاّ جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ}(٤٢)[الذاريات: ٤٢] فحصر ما دمرته بما أتت عليه، وإنما أتت على أرض عاد.
{وَإِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمّا حَضَرُوهُ قالُوا أَنْصِتُوا فَلَمّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ}(٢٩)[الأحقاف: ٢٩] إلى قولهم: {يا قَوْمَنا أَجِيبُوا داعِيَ اللهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ}(٣١)[الأحقاف: ٣١] يحتج به على وجود الجن، وأن منهم مسلمين.
وقولهم:{قالُوا يا قَوْمَنا إِنّا سَمِعْنا كِتاباً أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسى مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ}(٣٠)[الأحقاف: ٣٠] لعلهم كانوا على دين التوراة، فلذلك خصوا بالذكر موسى دون عيسى.
{أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى بَلى إِنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}(٣٣)[الأحقاف: ٣٣] استدلال/ [١٨٥ ب/م] على منكري البعث وقد سبق في هذه السورة في قول القائل: {وَالَّذِي قالَ لِوالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُما أَتَعِدانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي وَهُما يَسْتَغِيثانِ اللهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ فَيَقُولُ ما هذا إِلاّ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ}(١٧)[الأحقاف: ١٧] وقد سبق تقرير هذا الدليل في «يس» وغيرها.