{وَالَّذِينَ اِهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً وَآتاهُمْ تَقْواهُمْ}(١٧)[محمد: ١٧] يستدل به على قبول الإيمان والهدى والزيادة والنقصان.
{فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ السّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها فَأَنّى لَهُمْ إِذا جاءَتْهُمْ ذِكْراهُمْ}(١٨)[محمد: ١٨] يستدل به على قربها؛ لأن علامات الشيء ومقدماته تدل على قربه، وقد سبق أن القرب والبعد أمران إضافيان.
{فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَاِسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ وَاللهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْواكُمْ}(١٩)[محمد: ١٩] يحتج به على تقديم/ [١٨٦ أ/م] أصول الدين كالتوحيد على فروعه كالاستغفار وغيره؛ لتقديمه التوحيد هاهنا، ولأن رتبة الأصل قبل رتبة الفرع، وعلى أن المعتبر في الأصول العلم لا غيره؛ لقوله:{فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَاِسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ وَاللهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْواكُمْ}(١٩)[محمد:
١٩] وهذا فيه تفصيل، وهو أن ما كان من القضايا الأصولية بديهيّا استوى فيه العالم وغيره، واعتبر فيه العلم، وما كان نظريا فإن كان قريبا من البديهي جاز أن يكلف العامي بالنظر فيه ليعلم، وإن لم يكن قريبا بعد أن يكلف به العامي لإفضائه إلى تعطيل معاشه خصوصا مع كثرة الشبه ودقتها، وقد كان النبي صلّى الله عليه وسلّم يقنع من عامة الناس بمجرد التصديق والانقياد/ [٣٨٧/ل] لما جاء به، ولو وجب العلم النظري عليهم بينه لهم.
{فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ (٢٢) أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمى أَبْصارَهُمْ} (٢٣)[محمد: ٢٢ - ٢٣] يحتج به على جواز لعن يزيد، وقد اختلف فيها؛ فمنهم من منعه حسما لمادة الترقي إلى من فوقه، ومنهم من أجازه لفجوره وقطعه الرحم الواجب صلتها.
وقد حكي عن أحمد أنه سئل عن لعن يزيد؛ فقال: ألا يجوز لعن من لعنه الله في كتابه؟ ثم تلا هذه الآية. فقيل له:[لم لا] تلعنه أنت؟ فقال: ومن لعنت أنا حتى ألعن يزيد. فمن الناس من اقتدى بفعل أحمد في الترك، ومنهم من اقتدى بفتياه في اللعن.