للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قلبي» (١) أو كما قال؛ لأنه فهم منها هذا الاستدلال، وهو بالسبر والتقسيم.

{أَمْ خَلَقُوا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لا يُوقِنُونَ} (٣٦) [الطور: ٣٦]، دليل آخر على ذلك، وهو أن السماوات والأرض أثر فلا بد له من مؤثر، ثم ذلك المؤثر إما هي أو هم أو غيرهما، والأولان باطلان فتعين الثالث وهو الصانع القديم، وهو أيضا سبري تقسيمي، ولذلك جعلنا تأثيرهما في وجودهما داخلا في التقسيم ليكون تاما لا ناقصا، ويقطع على أنه مراد من الآية لذلك، إذ الله-عز وجل-لا يحتج بدليل [ناقص ولا فاسد].

{أَمْ عِنْدَهُمْ خَزائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ} (٣٧) [الطور: ٣٧] هذا جواب عما تضمنه إنكارهم لنبوته صلّى الله عليه وسلّم/ [٤٠٠ ل] من إنكار اختصاصه عليهم بالنبوة، وأنه لو اختص بها دونهم لزم الترجيح بلا مرجح، فأجيب بأن المرجح فضل الله-عز وجل-ورحمته، وليست خزائن الرحمة عندكم و [لا] بأيديكم حتى تتحجروا منها واسعا عن الخلق، وهذا / [١٩٣ أ/م] السؤال وجوابه قد سبق في مواضع.

{أَمْ لَهُ الْبَناتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ} (٣٩) [الطور: ٣٩] هذا إنكار لقول الكفار: «الملائكة بنات الله-عز وجل-» وقد تضمن الجواب: بأنكم استأثرتم بالأكمل، وجعلتم لربكم -عز وجل-ما هو أنقص، وهو خلاف الأدب والعدل، فإذا لم يكن بد من سوء الاعتقاد فهلا تأدبتم وآثرتموه بالأكمل، أو جعلتم له مثل ما جعلتم لكم.

{أَمْ لَهُمْ إِلهٌ غَيْرُ اللهِ سُبْحانَ اللهِ عَمّا يُشْرِكُونَ} (٤٣) [الطور: ٤٣] هذا توحيد، ودليله أن ما تشركون معه من الآلهة إما ناقص لا يملك ضرا ولا نفعا فهو لا يصلح للإلهية لنقصه، أو كامل مساو للإله الح‍ [ق: عز وجل] من كل وجه، فيلزم فساد العالم بدليل التمانع أو تركيب القديم بدليل الحكماء، وكلاهما باطل؛ فإذن لا شريك له-عز وجل- لا كامل ولا ناقص، والآية إنما دلت على تنزهه-عز وجل-عن الشريك، فأما خصوصية هذا الاستدلال فشيء استحضرناه هاهنا، فذكرناه.

<<  <   >  >>