{سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ}(٤٥)[القمر: ٤٥] هذا من إخباراته-عليه الصلاة والسّلام-بالغيوب، قاله يوم بدر عن هذا الوحي قبل التحام الحرب، والمشركون ظاهر حالهم الغلبة لكثرة عددهم، ثم أنزل الله-عز وجل-نصره تصديقا لوحيه ونبيه.
{إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ}(٤٧)[القمر: ٤٧] إلى {إِنّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ}(٤٩)[القمر: ٤٩] نزلت في مشركي مكة خاصموا النبي صلّى الله عليه وسلّم في القدر، فنزلت هذه الآيات، ومعناها إنا خلقنا كل شيء بقدر، فتقتضي عموم الخلق للأشياء وأنها خلقت بقدر، ويدخل/ [٤٠٩/ل] في ذلك أفعال العباد فهي مخلوقة لله-عز وجل-بقدر، فيحتج بذلك الجمهور، وفيه إشارة إلى وعيد القدرية وليس بقاطع لاحتمال أن الوعيد لأولئك القدرية الكفار الذين هم سبب نزول هذه الآيات ويرجع ذلك إلى أن الاعتبار بعموم اللفظ أو بخصوص السبب.
{وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ}(٥٢)[القمر: ٥٢] أي: في علم الله-عز وجل-وكتابه المبين الحفيظ الجامع لوقائع الوجود جزئيا وكليا، ويحتج به الجمهور؛ لأن أفعال الخلق إذا سبق بها العلم وتضمنها الكتاب الحفيظ تعلقت بها القدرة والإرادة على وفق تعلق العلم بها؛ لاستحالة تناقض هذه الصفات في متعلقها، وحينئذ يلزم الجبر، وإلا لكانت الإرادة والقدرة الحادثان غالبتين للأزليتين، وإنه محال.