منها: أن بعضهم ذهب إلى أن عبد الله اسم من أسماء النبي صلّى الله عليه وسلّم والصحيح أنه إضافة له بالعبودية لا اسم علم.
ومنها: أنه صلّى الله عليه وسلّم دعا الجن تلا عليهم القرآن، وأنهم سمعوا ذلك، وازدحموا عليه حتى كاد يتلبد بعضهم على بعض.
ومنها: أنه صلّى الله عليه وسلّم وصف بالعبودية في أشرف مقاماته وهى مقامه هذا في تبليغ القرآن، ومقامه في إثبات نبوته بمعجز القرآن في قوله-عز وجل-: {وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَاُدْعُوا شُهَداءَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ}(٢٣)[البقرة: ٢٣] ومقامه في الإسراء والوحي إليه في السماء في {سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}(١)[الإسراء: ١]، {فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى}(١٠)[النجم: ١٠].
وفى نحو هذا يقول القائل:
لا تدعني إلا بيا عبدها ... فإنه أشرف أسمائي
وفي ذلك يقول علي-رضي الله عنه-: حسبي عزا أن تكون لي ربا، وحسبي فخرا أن أكون لك عبدا.
{إِلاّ بَلاغاً مِنَ اللهِ وَرِسالاتِهِ وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أَبَداً}(٢٣)[الجن: ٢٣] مع ما سبق من قول موسى عليه السّلام: {أَلاّ تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي}(٩٣)[طه: ٩٣] ينتظم قياسا هكذا: مخالف الأمر عاص والعاصي معاقب، فمخالف الأمر معاقب، وهو يقتضي أن الأمر للوجوب.