للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

............................................................................................ ــ

التابعي وأرسل قبله على عرف أهل الصنعة، وإلا فكله مرسل، والمنقطع نوع من المرسل ... والأولى بمثل هذا الحديث أن يعد في مجهول الراوي (١)؛ لأنه لم ينقطع له سند، وإنما جهل اسم راويه كما لو جهل حاله وهو قول أئمة هذا الشأن (٢).

ثم قال القاضي عياض: وفي باب الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - انا محمد بن بكار، انا إسماعيل بن زكرياء، عن الأعمش كذا لهم، وعند ابن ماهان: انا صاحب لنا انا سماعيل بن زكرياء (٣).

وهذا ما اكده الإمام النووي (٤).

فالراوي المبهم في نسخة ابن ماهان هو محمد بن بكار كما جاء صراحة في رواية المشارقة، وهو ثقة، فلا يطعن بها لأن المبهم قد تعيَّن، وإنَّ بعض أئمة الحديث (٥) تسامحوا في الأسانيد التي يقع فيها تعيين المبهمات وصح أصلها، ومن باب الإعتذار لرواية ابن ماهان فقد يصح أن يقال: عبارة "صاحب لنا" توثيقية للراوي والصحبة ظاهرة المعنى، فالصاحب يختار مثله ليصحبه، فاقتضى الحال انه موثق كما ان الامام مسلماً وحسبك به كأنه يقول محمد بن بكار صاحبنا فعرَّف به، ومرة أُخرى يعرف به محمد بن بكار بن الريان في صحيحه (٦) لتمييزه عن البصري.


(١) نوع الجهالة هنا على الإبهام، فالمبهم: هو ما لم يذكر الراوي باسمه كأن يقول حدثنا "فلان" أو "شيخ"، قال الإمام السيوطي: إن كان المبهم في الإسناد فمعرفته تفيد ثقته أو ضعفه ليحكم للحديث بالصحة أو غيرها، ويُعْرَفُ المبهمُ بوروده مسمى في بعض الروايات، وذلك واضح وبتنصيص أهل السير على كثير منهم وربما استدلوا بورود حديث آخر أسند لذلك الراوي المبهم، تدريب الراوي ٢/ ٣٤٣.
(٢) إكمال المعلم بفوائد مسلم ٢/ ٣٠٦.
(٣) مشارق الأنوار على صحاح الآثار ٢/ ٣٤٥.
(٤) شرح النووي على صحيح مسلم ١/ ١٧. ذكره الإمام النووي في مقدمة الكتاب وموضعه في باب الصلاة ولم يعلق عليه هناك.
(٥) ينظر النكت على مقدمة ابن الصلاح ٢/ ٣٢٢.
(٦) كتاب الإيمان، باب بيان قول النبي - صلى الله عليه وسلم - سباب المسلم فسوق وقتاله كفر الحديث رقم ١١٦ - (٦٤)، ١/ ٨١، وغيره.

<<  <   >  >>