باب في الإيلاء، واعتزال النساء، وتخييرهن، وقوله تعالى: {وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ (٤)} [التحريم: ٤]
حدثني زهير بن حرب، حدثنا عمر بن يونس الحنفي، حدثنا عكرمة بن عمار، عن سماك أبي زميل، حدثني عبد الله بن عباس، حدثني عمر بن الخطاب قال: لما اعتزل نبي الله - صلى الله عليه وسلم - نساءه قال: دخلت المسجد فإذا الناس ينكتون بالحصى ويقولون طلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نساءه، وذلك قبل أن يؤمرن بالحجاب فقال عمر: فقلت: لأعلمن ذلك اليوم. قال: فدخلت على عائشة فقُلتُ: يا بنت أبي بكر أقد بلغ من شأنك أن تؤذي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: مالي ومالك يا ابن الخطاب؟ عليك بعيبتك قال: فدخلت على حفصة بنت عمر فقلت لها: يا حفصة أقد بلغ من شأنك أن تؤذي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ والله لقد علمت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يحبك ولولا أنا لطلقك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فبكت أشد البكاء، فقلت لها: أين رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قالت: هو في خزانته في المشربة، فدخلت فإذا أنا برباح غلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قاعدا على أسكفة المشربة مدل رجليه على نقير من خشب، وهو جذع يرقى عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وينحدر، فناديت يا رباح استأذن لي عندك على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فنظر رباح إلى الغرفة، ثم نظر إلي فلم يقل شيئا، ثم قلت: يا رباح استأذن لي عندك على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فنظر رباح إلى الغرفة ثم نظر إلي فلم يقل شيئا، ثم رفعت صوتي فقلت: يا رباح استأذن لي عندك على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإني أظن أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ظن أني جئت من أجل حفصة، والله لئن أمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بضرب عنقها لأضربن عنقها، ورفعت صوتي فأومأ إلي أن ارقه، فدخلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو مضطجع على حصير، فجلست فأدنى عليه إزاره وليس عليه غيره، وإذا الحصير قد أثر في جنبه، فنظرت ببصري في خزانة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإذا أنا بقبضة من شعير نحو الصاع، ومثلها قرظا في ناحية الغرفة، وإذا أفيق معلق قال: فابتدرت عيناي قال: {ما يبكيك؟ يا ابن الخطاب} قلت: يا نبي الله وما لي لا أبكي؟ وهذا الحصير قد أثر في جنبك، وهذه خزانتك لا أرى فيها إلا ما أرى،