إن النسخ الحديثية على اختلاف موضوعاتها، والتي وصلت إلينا لها رواة عن أصحابها هم الذين نشروها، ورووها في مختلف الأمصار، وكان للصحيحين النصيب الأكبر على مر العصور، وبما أن موضوعنا يتعلق بالإمام مسلم، فإن له رواة كثر سأقتصر في هذه الدراسة على الأشهر منهم، فلم يكن لمسلم رواية واحدة تناقلها التلاميذ ولكن له أكثر من رواية، وقد أفردت لهذه الروايات مطلباً وفصلت فيه أقوال العلماء عن كل رواية ومسموعاتها ورواتها، والذي سأتطرق إليه في هذا المطلب هو رواة النسخ التي اشتهروا بالسماع المتصل عند أهل المشرق والمغرب، وهما:
١ - رواة صحيح مسلم عن ابن سفيان في المشرق فالراوون عنه الجلودي والكسائي ومن يتفرع منهما.
٢ - رواة صحيح مسلم عن ابن ماهان في المغرب عن أحمد بن محمد بن يحيى الأشقر عن القلانسي عن مسلم، ولا بد من نسبة الفضل لأهله فقد وجدت دراسة، وإن كانت تحتاج إلى شيء من الإضافة إلا أنني سأذكر دراسة أحدهم، وهو الدكتور مجيد خليفة بعنوان "جهود علماء الأندلس برواية صحيح مسلم"، وقد تصرفت ببعض عباراته بما رأيته مناسباً لدراستي هاهنا.
[رواة صحيح مسلم عن ابن سفيان]
١ - الجُلُوديُّ:
الجلودي فهو أبو أحمد محمد بن عيسى بن محمد بن عبد الرحمن بن عمرويه بن منصور الزاهد، النيسابوريُّ، الجُلوديُّ بضم الجيم، ومن فتح الجيم منه فقد أخطأ، وإنما الجلودي بفتح الجيم آخر ذكره يعقوب بن السكيت، ثم ابن قتيبة، وهو منسوب إلى جلود اسم قرية قيل بإفريقية، وقيل بالشام، وهذا الجلودي أبو أحمد فيما ذكره أبو سعد ابن السمعاني، وقرأته بخطه في كتاب الأنساب له منسوب إلى الجلود جمع جلد، وعندي انه منسوب إلى سكة الجلوديين بنيسابور الدارسة.