للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢٨ - كتاب الحدود

باب من اعترف على نفسه بالزنى

حدثني محمد بن المثنى، حدثني عبد الأعلى، حدثنا داود، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد: أن رجلا من أسلم يقال له ماعز بن مالك أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: إني أصبت فاحشة فأقمه علي، فرده النبي - صلى الله عليه وسلم - مرارا قال: ثم سأل قومه؟ فقالوا: ما نعلم به بأسا إلا أنه أصاب شيئا يرى أنه لا يخرجه منه إلا أن يقام فيه الحد قال: فرجع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأمرنا أن نرجمه قال: فانطلقنا به إلى بقيع الغرقد قال: فما أوثقناه ولا حفرنا له قال: فرميناه بالعظم والمدر والخزف قال: فاشتد واشتددنا خلفه حتى أتى عرض الحرة، فانتصب لنا، فرميناه بجلاميد الحرة (يعني الحجارة) حتى سكت قال: ثم قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطيبا من العشي فقال: {أو كلما انطلقنا غزاة في سبيل الله تخلف رجل في عيالنا له نبيب كنبيب التيس على أن لا أوتى برجل فعل ذلك إلا نكلت به} قال: فاستغفر له ولا سبه ٣/ ١٣٢٠.

ــ

قال القاضي عياض: "في حديث ماعز، فرميناه بجلاميد الحرة حتى سكت. كذا لكافتهم عن مسلم، ولابن ماهان: سكن بالنون، وهما بمعنى، وقد فسرناه في حديث قتل أبي عامر الأشعري: "فلما رآني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ساكنا ... " كذا لأكثر شيوخنا بالنون، ورواه بعضهم: "ساكتاً" بالتاء، وعند ابن الحذاء: "شاحباً"، وقد يتوجه هنا الشحوب، وهو تغيير اللون من مرض أو جزع" (١).

فرواية ابن ماهان: "حتى سكن" بالنون تعني سكن بعد الموت. يقال: ذبحتُ الشيء حتى سكن اضطرابه، وسُمّيتْ السكينُ سكّيناً؛ لأنها تُسكَّن الذبيحة أي تُسَكنها بالموت، وكل شيء مات فقد سَكَنَ. قال ذلك ابن منظور في لسان العرب نقلاً عن الأزهري (٢).


(١) مشارق الأنوار على صحاح الآثار ٢/ ٢١٦.
(٢) ينظر لسان العرب ١٣/ ٢١١، وتاج العروس من جواهر القاموس ١/ ٨٠٦٩.

<<  <   >  >>