للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رعاء الشاء يتطاولون في البنيان}. قال: ثم انطلق، فلبثت مليا، ثم قال لي: {يا عمر أتدري من السائل}؟ قلت: الله ورسوله أعلم. قال: {فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم} ١/ ٣٦.

ــ

قال الإمام المازري: "قوله: ظهر قبلنا أناس يقرؤون القرآن ويتقفرون العلم، وفي رواية أخرى: ويتفقرون العلم ويزعمون أن لا قدر، وأن الأمر أُنُفُ.

ثم قال: تقفرت الشيء إذا قفوته. قال أبو عبيد: يقال: قفوته، إذا اتبعت أثره، واقتفرت الأثر تبعته، قال ابن السكيت: يقال: قفر أثره، واقتفر أثره" (١).

ونسب القاضي عياض الخلاف إلى ابن ماهان فقال: "قوله في حديث القدر: "قبلنا قوم يتفقرون العلم" بتقديم الفاء، ولغيره: "يتقفرون" بتقديم القاف، وهذا أشهر، وهو الذي شرح الشارحون، ومعناه الطلب، يقال تقفرت العلم إذا قفوته، واقتفرت الأثر أتبعته، وقال ابن دريد (٢): قفّرت بتشديد الفاء جمعت. ورواه بعضهم يقتفرون بقاف ساكنة مقدمة على التاء، وهو بمعنى الأول. وفي كتاب أبي داود: "يتقفون" بفتح القاف وشد الفاء بغير راء بمعنى الأول. يقال: قفوته إذا اتبغته، ومنه سمى القافة، وأما بتقديم الفاء في الرواية الأولى فلم أرَ من تكلم عليه، وهو عندي أصح الروايات وأليقها بالمعنى المراد، أي أنهم يطلبون غامضة، ويستخرجون خبيئة، ويبحثون عن أسراره، ويفتحون مغلقه كما قال عمر في امرئ القيس: افتقر عن معان عُوْرٍ أصح بصر، ومنه سميت البير الفقير لاستخراج مائها، فلما كان القوم بهذه الصفة من الفهم والعلم، ثم جاءوا بتلك المقالة المنكرة، وقالوا ببدعة القدر استعظمها منهم وارتاب في قولهم ألا تراه كيف وصفهم بقراءة القرآن، وقال: وذكر من شأنهم بخلاف لو سمع هذا القول من غيرهم ممن لا يوصف بعلم، ولا يعرف به لما بالاه، ولعدها من جملة ما عهد من جهالاته، ورأيت بعضهم ذكره في تعليق له على مسلم "يتقعرون" بالقاف بعدها عين، أي


(١) المعلم بفوائد مسلم ١/ ٢٧٧.
(٢) جمهرة اللغة ٢/ ٧٨٦.

<<  <   >  >>