للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

............................................................................................

ــ

الأنباري: يعني "كرشي أصحابي وجماعتي الذين اعتمد عليهم، وأصل الكرش في اللغة: الجماعة"، وجعل الأنصار عيبته: خصوصيته إياهم؛ لأنه يطلعهم على أسراره، قال غيره: فمعنى "عيبتي" خاصتي وموضع سري، قال أهل اللغة: والعيبة في كلام العرب معناها: ما يجعل فيه الرجل أفضل ثيابه، وحر متاعه وأنفسه عنده" (١).

قال القاضي عياض: " كذا رواية العذري والفارسي وكافة الرواة، وهو الصواب على ما تقدم، ورواه بعضهم عن السجزي: بغيبتك وليس بشيء، وعند ابن ماهان: بنفسك" (٢).

والعيبة موضع سر الرجل قال ابن سلام: "عيبة الرجل موضع سره والذين يأتمنهم على أمره، ومنه الحديث: كانت خزاعة عيبة النبي مؤمنهم وكافرهم. وذلك لحلف كان بينهم في الجاهلية.

[وقال أيضاً]: ولا أرى عيبة الثياب إلا مأخوذة من هذا لأنه إنما يضع الرجل فيها خير ثيابه وخير متاعه وأنفسه عنده. ومنه حديث عمر ـ - رضي الله عنه - ـ حين دخل على عائشة فقال: أقد تبلغ من شأنك أن تؤذي النبي؟ فقالت: ما لي ولك يا ابن الخطاب! عليك بِعَيْبَتِكَ فأتى حفصة ـ - رضي الله عنه - ـ" (٣).

وقال ابن الأثير عن قوله ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ[الأنْصَار كَرِشي وعَيْبَتي] (٤): أي خاصَّتي ومَوضعُ سِرَّي. والعرب تَكْنِي عن القُلوب والصُّدور بالعِياب لأنها مُسْتَوْدَع السَّرائر كما أن العِيَابَ مُسْتَوْدعُ الثَّياب. والعَيْبة معروفة ومنه حديث عائشة [في إيلاء النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - على نِسائه قالت لعُمَر لمّا لامَها: مالي ولَكَ يا ابن الخطَّاب عليك بعَيْبَتك] أي


(١) المعلم بفوائد مسلم ٢/ ٢٠٠، وإكمال المعلم بفوائد مسلم ٥/ ٣٥.
(٢) المصدر نفسه.
(٣) ينظرغريب الحديث: (تأليف: أبي عبيد القاسم بن سلام الهروي)، تحقيق: د. محمد عبد المعيد خان، دار الكتاب العربي، بيروت، ط١، ١٣٩٦هـ، ١/ ١٣٨.
(٤) صحيح البخاري: كتاب فضائل الصحابة، باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (اقبلوا من محسنهم وتجاوزوا عن مسيئهم)، الحديث رقم ٣٥٩٠، ١٣٨٣.

<<  <   >  >>