للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الصحيح على مشايخ عصرهما" (١).

وقال ابن كثير ذهبت المغاربة، "وأبو علي النيسابوري من المشارقة إلى تفضيل صحيح مسلم على صحيح البخاري" (٢).

أما القول عن صحيح مسلم مستخرجاً على صحيح البخاري، فإنه لا ينطبق لأمرين:

١ - من شرط المستخرجات أن يأخذ صاحب المستخرج كتاب شيخه، فيعمد إلى تخريج أحاديثه من غير طريق عن شيخ شيخه ليساويه في علو الإسناد، وهذا إن انطبق، فإنه ينطبق على أحاديث قليلة منه، ولا يراد به الكل.

٢ - إن مسلماً بن الحجاج سمى كتابه المسند الصحيح، ولو كان مستخرجاً لسمّاه مستخرجاً، وخلاصة القول هذا القليل إنما جاء مطابقاً لا إستخراجاً.

وأما قول أبي علي النيسابوري "ما تحت أديم السماء أصح من كتاب مسلم"، فظاهره يشعر أن غيره ليس أصح منه، قال الذهبي: "لعل أبا علي ما وصل إليه صحيح البخاري" (٣)، واستبعد الحافظ ابن حجر هذا القول فقال: "إن عبارة أبي علي هذه تقتضي أن صحيح مسلم في أعلى درجات الصحيح، وأنه لا يفوقه كتاب أما أن يساويه كتاب كصحيح البخاري، فذلك لا تنفيه هذه العبارة" (٤).

وقال ابن الصلاح: "إن ذلك محمول على سرد الصحيح فيه دون أن يمزج بمثل ما في صحيح البخاري مما ليس على شرطه، ولا يحمل على الأصحية" (٥).

وأما قول أحمد بن سلمة: "رأيت أبا زرعة وأبا حاتم يقدمان مسلماً في معرفة الصحيح على مشايخ عصرهما"، فهذا يحمل على بعد وفاة البخاري، فمسلم على جلالة قدره، فإنه يسأل البخاري عن علل الحديث قال أحمد بن حمدون: "سمعت مسلماً بن الحجاج وجاء إلى محمد بن إسماعيل البخاري، فقبل ما بين عينيه، وقال: دعني حتى أقبل رجليك يا أستاذ الأستاذين، وسيد المحدثين، وطبيب الحديث في


(١) سير أعلام النبلاء ١٢/ ٥٦٥.
(٢) البداية والنهاية ١١/ ٣٣.
(٣) تذكرة الحفاظ ٢/ ٥٨٩.
(٤) هدي الساري ١/ ٢٣.
(٥) النكت على ابن الصلاح١/ ٢٨٢.

<<  <   >  >>