أيها المحروم، تعازينا؛ أيها المحروم جَبَرَ الله مصيبتك؛ ولكن لم تنته الدنيا بانتهاء رمضان ومازال في العمر بقية، ومازال ربنا جل جلاله يبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، ويبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، فتب وقد تاب الله عليك.
أيها المحروم، تعازينا؛ ولكن لا تيأس:{أَلًا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ الله لَكُمْ}[النور: ٢٢]، إذا كان في الصوم دعوة مستجابة؛ ففي كل ليلة ربك يقول في الثلث الآخر:"هل من سائل فأعطيه"، ما زالت أمامك فرصة لم تنته، القضية أنك لن تُخَلَّد في جهنم مادمت مُوحَّدًا، مازالت أمامك فرص.
أيها المحروم، تعازينا؛ ولكن قف لتنظر من أين أُتيت، لم خُذِلت، بمَ انتكست، لا شك أنه من عند نفسك {رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ}[فصلت: ٤٦]، الفرص كانت أمامك متاحة وأنت خَذلت نفسك، أنت أوكستَ نفسَك، {وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ}[الزخرف: ٧٦]؛ فلذلك قف لتتخلص من النفس الأمارة بالسوء، قف لتتأمل كيف ضاع منك رمضان كما ضاع سنين، قف فالمؤمن لا يُلدغ من جُحْرٍ واحدٍ مرتين.
أيها المحروم، تعازينا؛ ولكن إن كان قد ضاع منك رمضان؛ فإن الله الحيَّ باقٍ معك على الدوام، يدعوك للإقبال عليه والإنابة إليه؛ فأقبل تُقبل.
أيها المحروم، تعازينا؛ ولكن اعلم أن أبواب الرحمات مفتوحة طوال العام، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله يقبل توبة العبد ما لم تطلع الشمس من مغربها"(١).